عدالته معلومة لكلّ أحد لتمكن كل واحد من البحث عنه وعن سبب جرحه وعدالته ، ومعلوم رجحان رواية من علمت عدالته عند الجميع على رواية من اختصت المعرفة بعدالته لرجل واحد ، فإنّ العدالة من الأمور الباطنة قد تخفى على شخص واحد ويبعد خفاؤها عن الأكثر.
احتجّ المخالف بوجهين (١) :
الأوّل : الثقة لا يسند القول إلى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ويشهد به إلّا مع القطع والجزم أو مقاربة بأنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ذلك ، بخلاف ما إذا استند وذكر الواسطة فإنّه لم يحكم على ذلك الخبر بالصحّة ، ولم يزد على الحكاية بأنّ فلانا زعم أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ذلك ، فكان الأوّل أولى.
الثاني : قال الحسن البصري : إذا حدّثني أربعة نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بحديث تركتهم وقلت : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فأخبر عن نفسه أنّه لا يستجيز هذا الإطلاق إلّا مع شدة الوثوق.
والجواب عن الأوّل : أنّ قول الراوي : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كذا ، يقتضي ظاهره الجزم بصحّة خبر الواحد ، وهو جهل غير جائز فلا يمكن إجراؤه على ظاهره ، فيحمل على إرادة الظّن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال ذلك أو سمعت أو رويت ، كان الإسناد المشتمل على ذكر الراوي أولى لمعرفة عدالته للكلّ.
وهو الجواب عن الثاني [بعينه].
واعلم أنّ رجحان المرسل على المسند إنّما يصحّ لو قال الراوي : قال
__________________
(١) ذكرهما الرازي مع الإجابة عنهما في المحصول : ٢ / ٤٥٨ ـ ٤٥٩.