وعن ب. أنّ ذلك يقتضي ترجيح المناسب المطّرد المنعكس على الّذي لا يكون مطّردا أو منعكسا ولا نزاع فيه. ولا يقتضي ترجيح الدوران المنفك عن المناسبة على المناسب المنفك عن الدوران ، فإنّه إذا وجد الدوران بدون المناسبة فقد لا تحصل العلّة ، كرائحة الخمر مع حرمتها.
الثانية : المناسب أقوى من التأثير ، إذ معنى التأثير ليس إلّا أنّه قد عرف تأثير هذا الوصف في نوع هذا الحكم وفي جنسه ، وكون الشيء مؤثّرا في شيء لا يقتضي كونه مؤثرا فيما يشاركه في جنسه. وأمّا المناسبة فهي الموجبة لكون الوصف مؤثرا في الحكم فكان الاستدلال على العلّيّة بالمناسبة أقوى من التأثير.
الثالثة : السبر إن كان قطعيا في جميع مقدّماته تعيّن العمل به ، وليس ترجيحا. وإن كان مظنونا في الجميع بأن يظن تعليل الحكم ، ويظن انحصار العلّة في هذين الوصفين ، ويظن انتفاء العلّيّة عن أحدهما فيحصل ظن ثبوتها للآخر ، فالمناسبة أولى ، لأنّ الدليل الدال على المقدّمات الثلاث ليس النصّ ، وإلّا كانت يقينية وقد فرضت ظنّية. هذا خلف.
وإن كان إيماء فقد عرفت أنّه مرجوح بالنسبة إلى المناسبة.
وإن كان بعض الطرق العقلية فالمناسبة أولى ، لاستقلال المناسبة بانتاج العلّيّة ، والسبر لا ينتجها إلّا بعد مقدّمات كثيرة. فالمثبت لتلك المقدّمات إن كان المناسبة كانت المناسبة أولى من السبر ، للاكتفاء بالمناسبة الواحدة في ثبوت الحكم ، والافتقار في السبر إلى ثلاث مقدّمات. وإن كان غيرها