وقد تكون خفية ، وهي ما لا تكون كذلك. ولا شك في تقدّم الجلي على الخفي.
وأمّا الثاني : وهو ترجيح بعض المناسبات على بعض بأمور خارجة ، فهو على وجوه (١) :
الأوّل : المناسبة المعتضدة بسائر الطرق من الإيماء والدوران والسبر راجحة على ما لا تكون كذلك ، ويرجع حاصله إلى الترجيح بكثرة الأدلّة.
الثاني : المناسبة الخالية عن المعارض راجحة على ما لا تكون كذلك ، فإنّ المناسبة وإن لم تبطل بالمعارضة لكنّها مرجوحة بالنسبة إلى ما لا يكون كذلك.
الثالث : المناسب من وجهين راجح على المناسب من وجه واحد ، وكذا ما زاد على الاثنين بالنسبة إلى الاثنين ، وهكذا.
أمّا الدوران فإنّ الحاصل في صورة واحدة راجح على الحاصل في صورتين ، لقلّة احتمال الخطأ في الأوّل دون الثاني ، فإنّ العصير لمّا لم يكن مسكرا فلم يكن محرّما ، فإذا كان مسكرا صار محرما ، فإذا زالت صفة الإسكار زالت الحرمة ، فها هنا يعلم أنّ شيئا من الصفات الباقية في الأحوال الثلاثة لا يصلح لعلّيّة هذا الحكم ، وإلّا وجدت العلّة بدون الحكم ، وهو خلاف الأصل (٢).
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٨١.
(٢) في «أ» : الصواب.