واعلم أنّا قد بيّنا أنّ حكم الأصل لا يجوز أن يثبت بالقياس ، خلافا لقوم حيث جوزوه لكنّهم اتّفقوا على أنّ القياس الثابت حكمه بالنص راجح على ما ثبت حكم أصله بالقياس ، لأنّ ذلك الحكم لا يتفرّع على قياس آخر إلى غير النهاية ، بل لا بدّ من الانتهاء إلى ما ثبت حكم أصله بالنصّ ، فالنصّ أصل للقياس والأصل راجح على الفرع.
وفيه نظر ، فإنّا قد بيّنّا أنّ بعض الجزئيات الضعيف قد يقوى على بعض الجزئيات القوي إذا تقاربت الأنواع فيها بالشدّة والضعف.
إذا عرفت هذا فالأدلّة اللفظية إن كانت متواترة ، لم يمكن ترجيح بعضها على بعض إلّا بما يرجع إلى المتن.
وإن كانت آحادا ، أمكن الترجيح بما يتعلّق بالمتن والإسناد. وقد تقدّمت.
وإذا كان ثبوت الحكم في الأصل أقوى كان القياس أرجح فإن كان ثبوت حكم الأصل في أحد القياسين مقطوعا به وفي الآخر مظنونا ، كان الأوّل أرجح.
وفيه نظر ، فإنّ حكم الأصل مقدّمة ولا يلزم من الترجيح في مقدّمة الترجيح المطلق ، إلّا مع التساوي في باقي المقدّمات في القوة والضعف ، أو تكون مقدّمات الأقوى أقوى.
وإذا ثبت الحكم في أحد الأصلين بإيماء خبر متواتر كان راجحا على