فازوا بشرف الحضور ، في معرفة الأحكام إلى الاجتهاد ، والنظر في الحديث وضم بعضه إلى بعض والالتفات إلى القرائن الحالية ، فقد يكون للكلام ظاهر ، ومراد النبي خلافه اعتمادا على قرينة في المقام ، والحديث نقل ، والقرينة لم تنقل».
«وكل واحد من الصحابة ، ممن كان من أهل الرأي والرواية ، تارة يروي نفس ألفاظ الحديث ، للسامع من بعيد أو قريب ، فهو في هذا الحال راو ومحدّث وتارة يذكر الحكم الذي استفاده من الرواية أو الروايات ، بحسب نظره فهو في هذا الحال ، مفت وصاحب رأي» (١).
ولم يزل هذا الباب مفتوحا عند الشيعة ، من زمن صاحب الرسالة إلى يومنا هذا ، وقد تخرج منهم الآلاف من المجتهدين والفقهاء ، قد أحيوا الشريعة وأنقذوها من الانطماس ، وأغنوا بذلك الأمّة الإسلامية في كل مصر وعصر ، عن التطلع إلى موائد الغربيين ، وألّفوا مختصرات ومطوّلات ، لا يحصيها إلّا الله سبحانه.
وقد اقتدى الشيعة في فتح هذا الباب على مصراعيه في وجه الأمّة بأئمّة دينهم وخلفاء رسولهم ، الذين حثوا شيعتهم بأقوالهم وأفعالهم ، على التفقّه في الدين والاجتهاد فيه ، وأنّه «من لم يتفقّه ، فهو أعرابي» وأرشدوهم إلى كيفية استخراج الفروع المتشابكة ، بالتدبر في الآيات والأصول المتلقاة عنهم ، وأمروا أصحابهم بالتفريع (٢) ، وقد بلغت عنايتهم بذلك ما جعلهم
__________________
(١) أصل الشيعة وأصولها : ١١٨.
(٢) ستوافيك روائع نصوصهم في هذا المضمار.