بكلية الألسن في القاهرة في ما قدمه على كتاب عقائد الإمامية (١) وقال :
إنّ الصورة المتوارثة عن جهابذة أهل السنّة أنّ الاجتهاد أقفل بابه بأئمّة الفقه الأربعة : أبي حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وابن حنبل.
هذا إذا عنينا الاجتهاد المطلق أمّا ما حاوله الفقهاء بعد هؤلاء من اجتهاد لا يعدو أن يكون اجتهادا في المذهب أو اجتهادا جزئيا في الفروع ، وأنّ هذا ونحوه لا يكاد يتجاوز عند أهل السنّة القرن الرابع بحال من الأحوال ، أمّا ما جاء عن الغزالي في القرن الخامس ، وأبي طاهر السلفي في القرن السادس ، وعزّ الدين بن عبد السلام وابن دقيق العيد في القرن السابع ، وتقي الدين السبكي وابن تيمية في القرن الثامن ، والعلّامة جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي في القرن التاسع ... فإنّ هذا ونحوه لا يتجاوز ـ في نظر المنهج العلمي الحديث ـ باب الفتوى ولا يدخل في شيء من الاجتهاد ، وهو القدر الذي أوضحناه في كتابنا «تاريخ التشريع الإسلامي في مصر».
أمّا علماء الشيعة الإمامية فإنّهم يبيحون لأنفسهم الاجتهاد في جميع صوره التي حدّثناك عنها ، ويصرّون عليه كل الإصرار ولا يقفلون بابه دون علمائهم في أي قرن من القرون حتى يومنا هذا.
وأكثر من ذلك تراهم يفترضون بل يشترطون وجود «المجتهد المعاصر» بين ظهرانيهم ، ويوجبون على الشيعة اتباعه رأسا دون من مات من
__________________
(١) للعلّامة المغفور له الشيخ محمد رضا المظفر راجع ص ١٧ ـ ١٨ من المقدمة.