المجتهدين ما دام هذا المجتهد المعاصر استمد مقوّمات اجتهاده ـ أصولها وفروعها ـ من المجتهدين ، وورثها عن الأئمّة كابرا عن كابر.
وليس هذا غاية ما يلفت نظري أو يستهوي فؤادي في قولهم بالاجتهاد.
وإنّما الجميل والجديد في هذه المسألة أنّ الاجتهاد على هذا النحو الذي تقرأه عنهم يساير سنن الحياة وتطوّرها ، ويجعل النصوص الشرعية حية متحركة نامية متطورة ، تتمشى مع نواميس الزمان والمكان ، فلا تجمد ذلك الجمود الذي يباعد بين الدين والدنيا ، أو بين العقيدة والحياة الذي نشاهده في أكثر المذاهب التي تخالفهم. ولعل ما نلاحظه من كثرة عارمة في مؤلفات الإمامية وتضخّم مطّرد في مكتبة التشيّع راجع ـ في نظرنا ـ إلى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه».
هذا هو الاجتهاد ، وهذا دوره في خلود الدين وصلوحه للظروف والبيئات ولم يكن إغلاقه إلّا جهلا بأهميته أو ابتغاء للفتنة ، أو تزلفا إلى أبناء الدنيا ، أو جبنا عن النطق بالصواب ، وعلى أي تقدير فقد تنبّه بعض الجدد (١) من أهل النظر بلزوم فتحه وإنمائه ، وأنّ الاجتهاد أحد مصادر الشريعة التي تسع كل تطور تشريعي ، قال في مقال له حول الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية بمصر وإثبات ما عليه القواعد الشرعية من سموّ وشمول ودقة وإحكام مع اتّسامها دائما بالجدة ، وملائمة أحكامها لكل حضارة ولكل بيئة
__________________
(١) الأستاذ علي علي منصور المصري مستشار مجلس الدولة لمحكمة القضاء الإداري.