تلك الآلة ، ولما لزمتهم حجته في أنّ الذي يقوله ليس من عنده وإنّما هو من عند الله لأنّ الحجة لا تلزمها صفة الإقناع إلّا متى دخلت مناط العقل ، أمّا إذا كانت فوق إدراك المرسل إليهم فهي داحضة ...
والاجتهاد هو الباب الذي دخلت منه إلى حضيرة الشريعة الإسلامية كل الحضارات بما فيها من مشاكل قانونية ومالية واجتماعية فوسعها جميعا وبسط عليها من محكم آياته وسديد قواعده ما أصاب المحجة ، فكان للشريعة الإسلامية في ذلك تراث ضخم تسامى على كل الشرائع وأحاط بكل صغيرة وكبيرة من أمور الدين والدنيا ...
أفبعد ذلك يصح في الأفهام أن تتهم الشريعة الإسلامية بالقصور ، أو بأنّها نزلت لعرب الجزيرة لتعالج أمورهم في حقبة من الزمان انقضى عهدها ، أو أنّها تضيق عن أن تجد الحلول لمشاكل الحضارات الحديثة ، ارجعوا إليها وإلى تراثها الضخم تجدوا أنّها عالجت الجليل والخطير والصغير والكبير من أمور الدين والدنيا فيها ذكر ما مضى ، وفيها ذكر الحاضر ، وفيها ذكر المستقبل وسيظل العلم الحديث يكشف عمّا فيها من كنوز ، وستترى المشاكل على العالم جيل بعد جيل ، ويضطرب العالم في محاولة الحلول لها دون جدوى إلّا إذا رجع إلى أحكام هذا الدين وهذه الشريعة المحكمة السمحة ، حيث الدواء الشافي والعلاج الحاسم لكل ما يجيب العالم في حاضره وفي مستقبله. (١)
__________________
(١) مجلة رسالة الإسلام لجماعة دار التقريب العدد الأوّل من السنة الخامسة : ٥١.