لأسباب معيّنة فطلبوا منه أن يدرّس ويفيدوا من وجوده ، فألّف رسالة أصل الأصول في قمّ (دار الإيمان).
* * *
توفّر المستشرق المعروف المرحوم البروفسور كربن على دراسة شيخ الإشراق وأفكاره وآثاره مدّة مديدة ، عند ما كان مشغولا في مطالعة آثار محقّقي الشّرق وأفكارهم عدد سنين إبّان اقامته في تركيا. وكان يعمل في القسم المتعلّق بالمعهد الفرنسيّ التّركيّ مبعوثا من قبل حكومته ثمّ انتقل إلى ايران وواصل فيها عمله. وقد تعرّف عليّ سنة ١٩٥٩ و ١٩٦٠ م ، وكان يرغب كثيرا أن أقوم بإعداد مختارات فلسفيّة منذ عصر الميرداماد حتّى عصرنا هذا. وكان يرى أنّ الموضوعات الّتي اختارها من كتب الفلاسفة في القرنين الأخيرين ينبغي أن تنقل دون إبداء وجهة نظر فيها ، وهو يتولّى تدوين القسم الفرنسيّ. وكنت أدرك جيّدا أنّ نقل المباحث العلميّة العويصة بدون إبداء رأي فيها عمل ناقص. فلا بدّ من بيان التّفاوت بين المشارب والمذاهب.
كنت أنجز العمل الّذي اقترحه عليّ المستشرق المذكور مع انشغالي بإعداد الكتب العرفانيّة والفلسفيّة للطّبع. وتهيّأ قرابة ستّة أجزاء كمختارات من آثار أكابر العلماء ، مشفوعة ببيان ما أشكل وشرح ما أعضل. واستطعنا أن نتعرّف على كثير من العلماء عن هذا الطّريق ، وقد كان بعض منهم ـ مثل الملّا نعيما الطّالقانيّ ـ غير معروفين عند الكثيرين.
طبع من المختارات الفلسفيّة أربعة أجزاء ، وانتقل زميلي الباحث المغفور له البروفسور كربن إلى رحمة الله تعالى.
وقد بلغ البروفسور كربن من الذكاء الحادّ ، والقابليّة العمليّة والذّوق العلميّ الوافر مبلغا أصبح فيه عالما ملمّا بالأسس الفلسفيّة ، متمكّنا من المسائل العويصة أكثر من كونه مستشرقا بالمعنى المتداول.
* * *
كان الملّا نعيما المشهور بالملّا محمّد نعيم أيضا من العلماء الأجلّاء أولي المنزلة الرّفيعة لكنّه لم يتمتّع بشهرة كافية عند الجميع. مثله بذلك مثل كثير من العلماء الّذين كانوا