(وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ). (١)
(قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها). (٢)
(فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ). (٣)
(كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ). (٤)
(كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً). (٥)
إلى غير ذلك من الآيات.
وأمّا الأخبار الواردة في ذلك فكثيرة أيضا ، كما يعلم بالتتبّع ، ومنها ما روي بطريق الرمز ، إنّ الموت يقام بين الجنّة والنار في صورة كبش أملح ويذبح بشفرة يحيى عليهالسلام بأمر جبرئيل عليهالسلام. (٦)
وفي معناه ما روي إنّ الله تعالى يظهر الموت يوم القيامة في صورة كبش أملح ويأتي بيحيى عليهالسلام وبيده الشفرة فيضجعه ويذبحه وينادي مناد يا أهل الجنّة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت. (٧)
ولعلّ تأويله كما يستفاد من كلام بعض العرفاء ، أنّ الموت أي هلاك الخلق بواحد من طرفي التضادّ يقام بين الجنّة والنار لكي يظهر بتنزّله عن مرتبته إلى مرتبة ما بين طرفي التضادّ ولينكشف حاله على أهل الجنّة والنار فيصوّر على صورة كبش أملح معدّ للذبح والقتل ويمثّل بتلك الصورة فيذبح بشفرة يحيى عليهالسلام الذي ذبح هو أيضا بالشفرة ، وهو صورة الحياة ويقتل بأمر جبرئيل الذي هو مبدأ الحياة والأرواح ومحيي الأشباح بإذن الله تعالى ، ليظهر حقيقة البقاء والأبديّة بموت الموت وحياة الحياة.
والحاصل ـ والله أعلم ـ أنّ النشأة الاخرويّة بما فيها أبديّة ويفعل ذلك ليظهر على الخلق أنّهم خالدون فيها ، وأنّ النشأة الاخرويّة بما فيها بأجمعها أبديّة باقيّة أبدا لا انقطاع لها ولا فناء ولذلك سمّيت دار القرار.
وأمّا الثاني أي معاضدة الدليل العقلي لذلك فمن وجهين :
__________________
(١) الأنبياء : ٩٩.
(٢) الزمر : ٧٢.
(٣) الجاثية : ٣٥.
(٤) النساء : ٥٦.
(٥) الإسراء : ٩٧.
(٦) راجع تفسير القمّي : ٤١١ ، الطبع الحجري.
(٧) راجع الأسفار ٩ : ٣١٢.