عشرة أو خمس عشرة سنة عند النّهضة.
ولحق الأنصار التركمان الّذين ينتمون إلى قبائل متعدّدة بمرشدهم وهم طافحون بالشّوق ، كما لحق به الرّاقصون والطّبّالون في مواكب ضمّت الخمسمائة ، والألف ، والألفين ، ومعظمهم كانوا رجال حرب. واستطاع هؤلاء أن يوحّدوا ايران خلال فترة يسيرة فأنقذوها من حالة ملوك الطّوائف الّتي دامت تسعمائة سنة ، وعادت ايران إلى نصابها في مدّة قليلة نوعاما.
قال أحد الشّعراء : «بر آر سر كه طبيب آمد ودوا آورد». وتعريبه :
«ارفع رأسك فقد جاء الطبيب وأتى بالدّواء».
كانت بين الطّالقان (طالقانات) الشّاملة منطقة فسيحة من القرى والقصبات ، وبين مدينة قزوين علاقات عميقة ممتدّة. واشتهر بعض العلماء في قزوين أيّام الشّاه طهماسب الصّفويّ ، وكان بين المدرّسين أو أصحاب المناصب الحكوميّة من كان من أهل الطّالقان. كان سماحة الأستاذ سيّد الأساطين وقرّة عيون الموحّدين المغفور له السّيد أبو الحسن القزوينيّ الرّفيعيّ تغمّده الله برحمته الواسعة القزوينيّ الأمّ من أهالي الطّالقان ، وجدّه الميرزا رفيعا القزوينيّ من أعاظم تلاميذ الشّيخ الأنصاريّ ، وفي الحكمة المتعالية من تلاميذ الآخوند الملّا اسماعيل بن محمّد سميع الأصفهانيّ المشهورين. والدته هي بنت الفقيه والأصوليّ المشهور آقا سيّد عليّ القزوينيّ صاحب التّعليقات النّفيسة على كتاب قوانين الأصول للميرزا القمّيّ. وتوجّه والده الميرزا رفيعا ، وأخوه الميرزا شفيعا من الطّالقان إلى قزوين (١) من أجل الدّراسة.
__________________
(١) ذهبت في أحد أيّام إقامتي المؤقّتة في قزوين مع صديقي العزيز المغفور له الشّيخ محمّد حسين الأويسي لزيارة الأموات في مقبرة المدينة العامّة ، ومن ثمّ زيارة قبر السّيّد حسين (أحد أبناء الائمّة). وتعرّفنا في هذين المكانين المقدّسين على رجال عظام استزدنا من أرواحهم همّة. تغمّد الله جميع الأموات برحمته الواسعة. وكان قبر أستاذ العلوم الكثيرة الملّا الكاتبيّ القزوينيّ سقى الله تربته ـ وهو أحد أعوان الخواجه الطّوسيّ رضي الله عنه في مرصد مراغه ـ في خربة تقع في شارع رشت قريبا من مسجد سلطاني. وهذا الرّجل ألّف كتبا نفيسة في علوم عديدة. وكان ابن ماجة مؤلّف «السّنن» المتوفّى سنة ٢٧٢ ه قزوينيّا. درس في قزوين ، وسافر إلى بغداد ، ومصر ، والحجاز. أفاد من علماء الحديث وأتمّ كتابه.
توفّي صديقي العزيز سماحة آية الله الأستاذ الجامع للعلوم العقليّة والنّقليّة الشّيخ محمّد حسين الاويسي يوم ١١ ما يس سنة ١٩٩١ م. أتمّ هذا الأستاذ المحقّق المرحلة الاولى من الفقه والأصول والحكمة المتعالية : شرح المنظومة وشيئا من الأسفار ، ثمّ سافر إلى قمّ لمواصلة دراسته فحضر درس أستاذ الأساتذة آية الله العظمى البروجرديّ أعلا الله مقامه في الفقه ، ودرس الأستاذ العلّامة الطّباطبائيّ قدسسره في الأسفار. ـ