كان الطلّاب الطّالقانيّون يتوجّهون إلى الحوزة العلميّة في قزوين حين كانت عاصمة لإيران وقبل انتقال مركز الحكومة الصّفويّة إليها ، وبعد انتقال المركز إلى مدينة اصفهان المباركة الّتي كانت تعدّ حقّا جنّة ثانية مدّة مديدة. وكانوا يواصلون دراستهم فيها ما كان ذلك يسيرا. وكان بعضهم يذهب إلى أصفهان للإفادة من أساتذتها المعروفين. وكان بين أهل الطّالقان عدد كبير من العلماء ، وأولي القريحة ، والخطّاطين المشهورين. وعرف النّاس فيها بالجدّ والمثابرة والعزم الوطيد والقناعة والرّأفة.
وكان صديقي العزيز الأستاذ القدير الفريد في عصرنا غلام حسين أميرخاني أستاذ خطّ النّستعليق ، والأستاذ البارع المغفور له درويش عبد المجيد الطّالقانيّ سقى الله تربته مخترع الخطّ الجميل الجذّاب من أهل الطّالقان ، ويترجم ذلك ذوقهم وقريحتهم.
وكان السّيّد شرف الدّين محمود الطّالقانيّ نجل السّيّد علاء الدّين بن السّيّد جلال الدّين الطّالقانيّ من مدرّسي الفلسفة الكبار في قزوين. وكان قد تعلّم الحكمة والعرفان من ابن أبي جمهور الأحسائيّ. وكانت طهران يومئذ قليلة السّكّان ونسبة الّذين يعرفون القراءة والكتابة فيها ١٠% ، أمّا نسبتهم في مدينتنا (آشتيان) فهي ٧٠% ، وأمّا نسبتهم في الطّالقان فهي ٦٠%.
وكان عدد من العرفاء وأولي القريحة الأدبيّة في فراهان الشّاملة مدنا متعدّدة الواقعة بين أراك (سلطان آباد) وهمدان. (١) وبزّ أبناء آشتيان ، وتفرش ، وجرجان أيضا معاصريهم زمنا ، ثمّ أفل نجمهم بعد قرنين.
* * *
__________________
ـ وأفاد من دروس سماحة آية الله العظمى الأستاذ المحقّق المغفور له السّيّد محمّد الدّاماد الّذي كان متوغّلا في التّدريس. زرته مرّتين أو ثلاث مرّات قبل سبع سنين تقريبا في مشهد مع جماعة من الّذين كانوا يحضرون درسه في التّفسير ، وكانوا من محبّيه ، وكنت لم أره منذ ثلاثين سنة.
(١) كان المغفور له الميرزا بزرگ قائم مقام العديم المثيل في درايته وذكائه وطيب نفسه وخبرته ، والفريد في سلامة روحه من أعاظم تلك المدينة. وكان نجله أبو القاسم أيضا من كبار عصره وعرف بذكائه ودرايته التّامة ، ولا نظير له في الإنشاء. ولم يبلغ ما بلغ أبوه في إدارة شئون الدّولة ، وكان له في القسوة باع. وكان إعماء خسرو ميرزا وأخيه عملا في غاية القبح ، وما فعله إلّا لكي لا يحلّ خسرو ميرزا محلّ محمّد شاه عاشق ميرزا آقاسي الّذي جعل أمور الدّولة إلى رجل غير كفوء وهو الآخوند الإيروانيّ عدد سنين ، وأصيب هو بنقرس شديد ، وكان يعتقد أنّ الحاج لا يرى مصلحة أن يشفيه ، وإذا رأى مصلحة في ذلك فهو يشفيه.