إيّاها ، وبرهة تكون مع ما تقدّم منشأ للأفعال الحيوانيّة أيضا. وبرهة تكون مع ذلك كلّه منشأ للأفعال الإنسانيّة والإدراكات الكلّية أيضا.
ففي جميع تلك المراتب تكون تلك النفس متعلّقة بذلك البدن نوع تعلّق ، منشؤه كون البدن محتاجا إلى النفس بحسب ذاته وتماميّة حقيقته وصورته ، حيث إنّ النفس مبدأ قريب للصور المتواردة عليه ، وحافظة لمزاجه في جميع المراتب ، وكذا كون النفس محتاجة إلى البدن في أفعالها المخصوصة بالمتعلقات بالمادّة ، وهذه العلاقة الحاصلة بينهما مستحكمة إلى أوان حلول الأجل ، كما أنّ تزايد كمالات النفس بتزايد استعدادات البدن مرتبة فمرتبة ثابت إلى أوانه.
وحيث تمّ وجود بدن كذلك مع نفس كذلك ، تمّ حينئذ وجود إنسان هو مقصود العناية الأزليّة ، وملحوظ الحكمة المتعالية ، فما دام يكون منشأ العلاقة بينهما باقيا بسبب كون النفس بحيث يصدر عنها حفظ المزاج والمبدئية للصورة الإنسانيّة ، ولم يكن هناك مانع من ذلك ، وكان البدن قابلا ومستحقّا لذلك ، يكون تلك العلاقة بينهما باقية ، وإذا كان الأمر بخلاف ذلك واستعدّت تلك المادّة البدنيّة مع صورة مخصوصة أو هيئة مخصوصة أو مزاج مخصوص لفساد علاقة النفس عنها ، فيحدث الفساد ويزول تلك الصورة أو الهيئة أو المزاج ، لكونها علّة معدّة لفساد العلاقة ، ويتبع ذلك فساد ذات البدن بزوال صورته وهيئته ومزاجه ، لكن لا يتبعه فساد ذات النفس بل فساد علاقتها عن البدن.
والتفصيل : أنّه إذا كان الأمر بخلاف ذلك مثل أن طرأ من جهة البدن ، أو من جهة القاسر الخارج ضدّ على ذلك المزاج الواقع بين الكيفيّات المتضادّة المتداعية بموضوعاتها إلى الانفكاك لو خليّت وطباعها ، كانت المادّة البدنيّة بذلك المزاج مستعدّة لفساد علاقة النفس عنها ، وحدث بطروئه عليه فساد في ذلك المزاج الذي هو العلّة المعدّة لذلك ، ويتبعه أن لا تكون حينئذ تلك النفس حافظة لذلك المزاج ، لحصول المانع من الحفظ ، فزالت من حيث كونها حافظة له لا من حيث ذاتها ، وأن لا تكون أيضا مبدءا قريبا للصورة النوعيّة الفائضة على البدن ، لعدم كونه بزوال المزاج والتركيب الخاصّين قابلا لفيضان صورة إنسانيّة عليه ، ولا قابلا لبقائها فيه.
وبالجملة بذلك تفسد العلاقة بينهما وتزول لزوال منشئها ، أي العلّية في حفظ المزاج