الأعلام أنّه بلغ قرابة ٣٥ أو ٣٦ جزءا.
مرّ بنا أنّ عددا من المفسّرين أفلحوا في إعداد تفاسيرهم إذ نشئوا في بيئة تفسيريّة وكان لهم باع في التّفسير ، وفي حقل العبادة والطّاعة عبروا من مقام الظّاهر إلى الباطن في الأقلّ ، وألسنتهم تنطق بهذه العبارة الملكوتيّة للآيات : «كأنّي أنظر إلى عرش الرّحمن بارزا» (١) من هذا المنطلق ، المفسّر غافل بالنسبة إلى أهل التّأويل.
ونقل الخاصّة والعامّة عن خاتم الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال :
«انّ القرآن انزل على سبعة أحرف ، لكلّ آية منها ظهر وبطن ، ولكلّ حرف حدّ ومطلع.» (٢)
وذكر الشّيخ الكبير صدر الدّين القونويّ وجمع كثير من محقّقي العامّة ما نصّه :
قال عليّ عليهالسلام : «لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا في تفسير فاتحة الكتاب.» (٣)
المراد من التّفسير هنا الحقيقة الجامعة بين التّفسير والتّأويل. والتّأويل رجوع الشيء إلى أصله ، واتّصال المرتبة النّازلة من القرآن الكريم بالمرتبة العالية منه. لذا فانّ حظّ من كان في مرتبة البطون القرآنيّ شهود الكلام الغيبيّ ، والآيات القرآنيّة عنده من محكمات الكتاب الحقّ.
القرآن نازل من المقام الرّبوبيّ ، ويستظهره الحفّاظ أو يكتبونه على الورق ، وهو رفيع الدّرجات ، وإن كان نزوله من مقام الغيب مختلف. وإنّ حظّ خاتم الأنبياء منه هو الحقيقة الواردة على مقامه : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى). (٤) ولا حاجز بينه وبين الحقّ تعالى ، فلا جرم أنّه كما قال : «نزلت نزلة يسيرة». ونزل القرآن الكريم على قلبه المبارك صلىاللهعليهوآله مع الاتّصاف بمقام الجمع الثّاني لكافّة الحقائق القرآنيّة ، ولكلّ مرتبة أحكام.
* * *
قلنا : كانت بين الطّالقان وقزوين علاقة عريقة ممتدّة. وبعد أن أصبحت أصفهان مركزا للإمبراطوريّة الشّيعيّة بهمّة الشّاه عبّاس الأوّل ، كان كثير من طلّاب العلم يذهبون إليها لمواصلة دراساتهم العليا بعد إكمال المرحلة التّمهيديّة في مناطقهم ، ولم تضارع النّجف
__________________
(١) يستشفّ هذا المضمون من حديث حارثة. انظر : الكافى ٢ : ٥٤.
(٢) تفسير الصافي ١ : ٥٢.
(٣) بحار الانوار ٩٢ : ٩٣.
(٤) النجم : ٩.