الموجود السابق «ألف» وليكن المعاد «ب» وليكن المحدث الجديد المماثل له «ج». فنقول : إمّا أن يكون كلّ من «ب» و «ج» منسوبا إلى «ألف» بأن يكونا عينه ، وإمّا أن لا يكون شيء منهما منسوبا إليه كذلك ، وإمّا أن يكون أحدهما وهو «ب» منسوبا إليه دون الآخر وهو «ج».
وعلى الأوّل يكون كلّ من «ب» و «ج» منسوبا إلى «ألف» وعينه ، فيكون الشيئان الاثنان المتخالفان بالعدد عين شيء واحد بالذات أي «ألف» ، فهو محال بالضرورة.
وأيضا يكون كلّ منهما معادا ليس شيء منهما مثلا مستأنفا ؛ هذا خلف.
وعلى الثاني فلا يكون شيء منهما معادا كما هو المفروض ، بل يكون كلّ منهما مثلا مستأنفا وموجودا ابتدائيّا ؛ هذا خلف.
وعلى الثالث فنسأل ونقول لم صار «ب» مثلا منسوبا إلى «ألف» بالعينيّة ولم يصر «ج» منسوبا إليه كذلك ، ولم صار «الف» أولى ل «ب» دون «ج» ؛ فإن اجيب بأنّهما كذلك ، لأنّهما كذلك ، فهو نفس هذه النسبة وأخذ المطلوب في بيان نفسه ، بل للخصم أن يقول بالعكس وأنّ «ألف» كان ل «ج» وأنّ «ج» منسوب إلى «ألف» دون «ب». وإن اجيب أنّ «ألف» أولى ل «ب» ، لأنّه كان «ب» قبل هذه الحالة ، أي في حال العدم منسوبا إلى «ألف» بالعينيّة وكون «ألف» أولى له ، ولا كذلك «ج» ، فيحصل هنا خبر إيجابيّ ثبوتيّ ، بل خبران إيجابيّان ثبوتيّان وهو أنّ «ب» في حال العدم كان «ألف» وأنّه في تلك الحال كان «ألف» أولى له ، وقد حكم فيهما بثبوت أمر واقعي للموضوع في الواقع واتّصافه به ، فيقتضي وجوده في ظرف الثبوت وظرف الاتّصاف ، أي في الواقع ، وقد فرض عدمه في الواقع ، فأمّا أن يصار إلى القول بصيرورة المعدوم الواقعيّ في حال العدم وعلى وصف العدم موجودا في الواقع حينئذ وهو محال بالضرورة. وأمّا أن يصار إلى القول بأنّ ذلك المعدوم في حال عدمه ، له وجود في نفس الأمر في علم البارئ تعالى شأنه أو في المبادئ العالية ، وذلك أيضا وجود واقعيّ له ، فذلك أيضا باطل ، لأنّك قد عرفت فيما تقدّم أن الوجود العلميّ وجود ذهني له ، لا واقعيّ ، لأنّ الوجود الواقعي لا نعني به إلّا ما يترتّب عليه الآثار المطلوبة منه وليس كذلك.
بلى إذا صحّ مذهب من يقول إنّ الشيء يوجد فيفقد من حيث هو موجود ، ويبقى من