فلا يكون واجب الوجود.
وأمّا الثاني فلأنّه لو كان مقتضيا بذاته للوجود في وقت معيّن ، لم ينفكّ عنه ، فكان موجودا في ذلك الوقت دائما ؛ هذا خلف.
قوله : «ونعلم بالضرورة أن لا أثر لاجتماعها في هذا الامتناع» ممنوع ، بل هو أوّل المسألة ، وكيف يسمع دعوى الضرورة في مثل هذا المقام مع مخالفة الجماهير من الأعلام. وأنت خبير بأنّه يمكن إجراء نظير ما ذكره في استلزام أزليّة الإمكان إمكان الأزليّة ، بأن يقال : اتّصاف ذات الممكن بالوجود المطلق غير ممتنع ، فلو امتنع اتّصافه بالوجود المقيّد بالدوام لكان الامتناع ناشئا من هذا القيد ، لكنّه ليس منشأ الامتناع ، وإلّا لم يتّصف ممكن بالدوام.
قوله : «إن أفادها زيادة استعداد ـ إلى قوله ـ : وإن لم يفدها زيادة استعداد» من البيّن أنّ الشيء إذا حصل بالفعل برئ المادّة من جميع مراتب استعداده وما ليس في المادّة استعداده أصلا لا يمكن حدوثه ، فكيف يصير قابليّته للوجود ثانيا أقرب ، وكيف علم بالضرورة أنّه لا ينقص أصلا عمّا هي عليه بالذات من قابليّة الوجود في جميع الأوقات.
على أنّ كون ما هي عليه بالذات من قابليّة الوجود في جميع الأوقات باطل ، كما حقّقه الشارح آنفا ، ثم كيف علم بالضرورة أن لا أثر لاجتماع الوصفين في هذا الامتناع.
قوله : «وجه آخر إقناعي» الأصل هنا إن كان بمعنى الكثير الراجح فيكون أكثر ما لم يقم دليل على استحالته ووجوبه ممكنا غير ظاهر ، وإن كان بمعنى ما لا يصار إليه إلّا بدليل فهو باطل. لأنّ الوجوب والإمكان والامتناع ليس شيء منها أصلا بهذا المعنى ، بل كلّ منها يقتضي ماهيّة موضوعه ، فما لم يقم دليل على أنّ الشيء من أيّ قسم ، لم يعلم حاله. وما قال الحكماء معناه أنّ ما لا دليل على وجوبه ولا على امتناعه ، لا ينبغي أن ينكر ، بل يترك في بقعة الإمكان العقلي الذي مرجعه الاحتمال ، لا أنّه يعتقد إمكانه ... على هذا تقييده بما لم يذدك عنه قائم البرهان. وكيف يتوهّم ذلك ، وقد كرّر الشيخ في كتبه أن من تعوّد أن يصدّق من غير دليل فقد انسلخ من الفطرة الإنسانيّة.
وجه آخر ، في امتناع إعادة المعدوم وهو أن إعادته بعينه تستلزم إعادة جميع أسبابه من الحوادث المتسلسلة من غير بداية وهو باطل.