وحاصل الجواب أنّ الشارح لا يمكنه القول بذلك ، لأنّ كلامه في هذا الدليل إنّما هو في العبارة الاولى في تقرير السند التي هي العبارة الثانية في التلخيص ، ولا يخفى أنّ في تلك العبارة قد اعتبر التقييد والتخصيص في جانب الموضوع ، وترك المحمول الذي هو الوجود على صرافة الإطلاق. وحيث كان الوجود مطلقا فلا يكون المأخوذ هنا وجود أوّل وثان ، حتّى يمكن أن يقال إنّ المادّة وإن برئت من استعداد الوجود الأوّل ، لكن استعدادها للوجود الثاني باق ، بل المعتبر هنا الوجود المطلق على إطلاقه ، وحيث كان المفروض براءة المادّة عن استعداده مطلقا ، فكيف يكون استعدادها له مرّة اخرى باقيا.
وأنت خبير بأنّ هذا الجواب لا يحسم مادّة الشبهة ، فإنّ الشارح لو أجرى هذا الدليل في العبارة الاولى في التلخيص التي هي العبارة الثانية في تقرير السند ، حيث إنّ ظاهره إمكان ذلك الإجراء ، لورد عليه هذا الاعتراض ولم يصحّ هذا الجواب ، فإنّه من البيّن أنّ التقييد والتخصيص فيها قد اعتبر في جانب المحمول أي الوجود وترك الموضوع على صرافة الإطلاق. اللهم إلّا أن يقال : لعلّ الشارح لا يجري ذلك ثمّة والجواب الحاسم لمادّة الشبهة أن يقال : إنّ الوجود الثاني إن كان هو الوجود الأوّل بعينه فقد فرض براءة المادّة من جميع مراتب استعداده ، فكيف يكون استعداده باقيا وإن كان غيره فعلى تقدير بقاء استعدادها له وحصوله ثانيا بذلك الاستعداد ، لم يكن هو الوجود الأوّل بعينه ولا الذات ، هي الذات الاولى. إذ قد عرفت أنّ اختلاف الوجود يستلزم اختلاف الذات ، فلم يكن هنا عود معدوم كما هو المفروض ؛ هذا خلف.
وأيضا على تقدير الإغماض عن ذلك ، فما ذكره الشارح من «إفادة الوجود الأوّل زيادة استعداد للثاني ، وكون قابليّة المادّة للوجود الثاني أقرب ، وإعادتها على الفاعل أهون» ممنوع ، إذ اللازم ممّا ذكر إمكان بقاء أصل الاستعداد له ، لا زيادته.
فإن قلت : لعلّ من يقول بجواز عود المعدوم بعينه ، يقول : بجواز عود جميع مراتب استعداده بعد براءة المادّة عنها أيضا ، وحينئذ يمكن أن يكون الوجود الثاني هو الأوّل بعينه ، وأن يعود ويحصل بعود جميع مراتب استعداده ، وأن يكون الوجود الأوّل أفاد