لكنّه قد تأيّد بالظواهر النقليّة ، وعرفه المتألّهون بمجاهداتهم الذوقيّة. انتهى». (١) انتهى كلامه.
أقول وبالله التوفيق : اعلم أنّ القول بانتقال الأرواح بعد الموت إلى الأبدان المثاليّة ، وكذا القول بوجود العالم المثاليّ المتوسّط بين العالم الحسّيّ والعقليّ هو قول كثير من العلماء الإسلاميّين المحدّثين وكثير من المتكلّمين ، ولا سيّما الصوفيّة منهم ، وكثير من أساطين الحكمة ، ولا سيّما الإشراقيّين منهم ، كما يظهر على من تصفّح كتب العلماء ، مضافا إلى ما ذكره شارح «حكمة الاشراق» أنّه قول الأنبياء والأولياء والمتألّهين من الحكماء. وكذلك بالقول بذلك يستقيم توجيه كثير من الآيات والأخبار الواردة في أحوال الروح بعد مفارقة البدن ، كما ذكره ذلك البعض من المتبحّرين أيضا ، ويظهر ذلك على من تدبّر في تلك الآيات والأخبار الواردة فيها.
مثل ما رواه الشيخ الصدوق في «الفقيه» عن الصادق عليهالسلام : «اذا قبضت الروح فهي مظلّة فوق الجسد روح المؤمن وغيره ينظر إلى كل شيء يصنع به ، فإذا كفّن ووضع على السرير وحمل على أعناق الرجال عادت الروح إليه ودخلت فيه ، فيمدّ له في بصره فينظر إلى موضعه من الجنّة أو النار ، فينادي بأعلى صوته إن كان من أهل الجنّة : عجّلوني ، وإن كان من أهل النار : ردّوني ، وهو يعلم كلّ شيء يصنع به ويسمع الكلام». (٢)
ومثل ما رواه فيه عن إسحاق بن عمّار : «أنّه سأل أبا الحسن الأوّل صلوات الله عليه عن المؤمن يزور أهله؟ فقال : نعم. قال : في كم؟ فقال : على قدر فضائلهم ، منهم من يزور كلّ يوم ، ومنهم من يزور في كلّ يومين ، ومنهم من يزور في كلّ ثلاثة أيّام. قال : ثمّ رأيت في مجرى كلامه أنّه يقول : أدناهم جمعة ، فقال له : في أيّ ساعة؟ قال : عند زوال الشمس أو قبيل ذلك ، فيبعث الله معه ملكا يريه ما يسرّه ، ويستر عنه ما يكرهه ، فيرى سرورا
__________________
(١) الأربعين للشيخ البهائيّ / ١٩١ و ١٩٢ وفيه : ... لوازمها على ما هو منقول في الكافي وغيره عن أمير المؤمنين والأئمّة من أولادهم عليهالسلام ...
(٢) من لا يحضره الفقيه ١ / ١٩٣ ، وفيه : ... الجنّة أو من النار ... عجّلوني عجّلوني ... ردّوني ردّوني ...