لأجل انتفاء ما هو مناط خصوصيّته ، بل لأجل انتفاء ما هو مناط نوعيّته.
والحاصل أنّه لو كانت هناك الأجزاء الأصليّة البدنيّة المخصوصة ، وكان معها فرد ما من التأليف البدنيّ الإنسانيّ والهيئة التّركيبيّة والأجزاء الفضليّة ، أي فرد كان بشرط أن تكون الأفراد متماثلة ومتشابهة ، كانت هناك نوعيّة البدن الحاصلة بفرد ما من ذلك ، وكذا خصوصيّة البدن الحاصلة بخصوصيّة تلك الأجزاء الأصليّة البدنيّة ، وكذا خصوصيّة النّفس الإنسانيّة التي لتلك الأجزاء الأصليّة مدخل فيها ، وكذا خصوصيّة الشّخص الإنسانيّ الّذي هو عبارة عن النفس الخاصّة والبدن المخصوص باقية بحالها لم تتغيّر ولم تتبدّل. وهذا ظاهر.
وأمّا إذا لم تكن هناك تلك الأجزاء الأصليّة أصلا بل أجزاء أخر ، سواء كان معها تأليف ما وهيئة تركيبيّة ما وأجزاء فضليّة ما أو لم يكن معها شيء من ذلك أصلا ، لم يكن هناك ذلك الشخص الإنسانيّ ولا تلك النفس الخاصّة ولا ذلك البدن المخصوص. وهذا أيضا ظاهر بالبيان المتقدّم. وأمّا إذا كانت هناك تلك الأجزاء الأصليّة الخاصّة ولم يكن معها فرد ما من التأليف البدنيّ الإنسانيّ ، والهيئة التركيبيّة البدنيّة الإنسانيّة والأجزاء الفضلية أصلا وقطعا ، كان هناك ينتفي البدن المخصوص ، لا لأجل انتفاء ما هو مناط خصوصيّته ، بل لأجل انتفاء ما هو مناط نوعيّته ، وبانتفائه كذلك ينتفي الشخص أيضا ، لأنّه عبارة عن مجموع النفس الخاصّة والبدن المخصوص ، بعد أن كانت له صورة بدنيّة إنسانيّة نوعيّة ، وهنا ليس كذلك ، إلّا أنّه لا ينتفي هنا خصوصيّة النفس ، لأنّ خصوصيّتها إنّما هي منوطة بخصوصيّة الأجزاء الأصليّة التي المفروض بقاؤها. والدليل على ذلك أنّا نعلم يقينا بقاء النفس بتشخّصها وخصوصيّتها بعد خراب بدنها وبعد قطع تعلّقها عنه وبعد بطلان التأليف رأسا وانعدام الهيئة التركيبيّة أصلا ، وما ذلك البقاء إلّا لبقاء الأجزاء الأصليّة التي بيّنّا سابقا بقاءها وأنّ لها مدخلا في تشخّص النفس.
وحيث عرفت ذلك ، اتّضح لك غاية الاتضاح انّه إذا كان هذيّة زيد الذي هو عبارة عن مجموع البدن المخصوص والنفس الخاصّة باقية من أوّل عمره إلى منتهاه ، وكان ذلك مستندا إلى بقاء تشخّص نفسه وبدنه جميعا ، فليس للأجزاء الفضليّة الخاصّة من بدنه ولا