ومنها ما أسلفنا لك في المقدّمة أنّ المعاد الجسمانيّ الذي هو ضروريّ في الدين القويم معناه عود تعلّق النّفس ببدنها الأصليّ مرّة أخرى بعد جمع أجزاء البدن ، ولا سيّما الأجزاء الأصليّة منه ، وعود تأليف البدن كرّة بعد أولى بهيئته الأولى كما يدلّ عليه الآيات والأخبار.
أمّا الآيات ، فكقوله تعالى :
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ* بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ). (١)
وقوله تعالى حكاية : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ* قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ) (٢).
وقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) (٣).
وقوله تعالى : (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٤).
وقوله تعالى : (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) (٥).
وأمّا الأخبار : فكما نقلنا سابقا في الباب الثاني من الشيخ الطبرسيّ (ره) في كتاب «الاحتجاج» ، في حديث الزنديق الذي سأل أبا عبد الله الصادق عليهالسلام عن مسائل وأجابه عنها : قال الزنديق : وأنّى له البعث والبدن قد بلى ، والأعضاء قد تفرّقت ، فعضو ببلدة يأكله سباعها وعضو بأخرى تمزّقه هوامها وعضو قد صار ترابا بني به من الطين حائط؟ قال عليهالسلام : إنّ الذي أنشأه من غير شيء وصوّره من غير مثال كان سبق إليه ، قادر أن يعيده كما بدأه. قال : أوضح لي ذلك. قال : إنّ الرّوح مقيمة في مكانها ، روح المحسن في ضياء وفسحة ، وروح المسيء في ضيق وظلمة ، والبدن يصير ترابا منه خلق وما يقذف به
__________________
(١) القيامة (٧٥) : ٣ ـ ٤.
(٢) يس (٣٦) : ٧٨ ـ ٧٩.
(٣) الشورى (٤٢) : ٢٩.
(٤) الجاثية (٤٥) : ٢٦.
(٥) النساء (٤) : ٨٧ ؛ الأنعام (٦) : ١٢.