من جنده ، وقد سيق المحسنون إلى الجنّة ، فيقول ذلك الخليفة للمذنبين الواقفين معه : انظروا إلى إخوانكم المحسنين وقد سيقوا إلى الجنّة ، فيسلّم عليهم المذنبون ، وذلك قوله : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ) أن يدخلهم الله إيّاها بشفاعة النبيّ والإمام ، وينظر هؤلاء المذنبون إلى أهل النار ، فيقولون : (رَبَّنا لا تَجْعَلْنا ..) إلى آخره. وقيل إنّهم قوم قد استوت حسناتهم وسيّئاتهم ، فجعلوا هنالك حتّى يقضي الله فيهم ما شاء ويدخلهم الجنّة ، يعرفون كلّا من زمر السّعداء والأشقياء بسيماهم : بعلامتهم التي أعلمهم الله بها. وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار ، ورأوا ما هم فيه من العذاب ، استعاذوا بالله وقالوا : «ربّنا لا تجعلنا معهم» (١) ، انتهى موضع الحاجة من كلامه.
وقال أيضا في تفسير الآية التّالية لهذه الآية ، أعني قوله تعالى (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ) الآية : «أنّه روى الأصبغ ابن نباتة عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، أنّه قال : نحن نوقف يوم القيامة بين الجنّة والنار ، فمن نصرنا عرفناه بسيماه فأدخلناه الجنّة ، ومن أبغضنا عرفناه بسيماه فأدخلناه النار» (٢) انتهى.
وقال في تفسير الآية الثّانية : فضرب بين المؤمنين والمنافقين بسور ، أي حائط حائل بين شقّ الجنّة وشقّ النّار ، لذلك السّور باب لأهل الجنّة يدخلون فيه ، باطنه : باطن السّور أو الباب وهو الشقّ الذي يلي الجنّة فيه الرحمة أي الجنّة ، وظاهره ما ظهر لأهل النار من قبله من عنده ، ومن جهة العذاب هو النار» (٣). انتهى موضع الحاجة أيضا.
وقريب ممّا ذكره كلام الزمخشريّ (٤) والبيضاويّ في تفسير السّور والأعراف والرجال الذين على الأعراف ، ولا تغاير إلّا في بعض أمور لا يختلف به أصل المقصود ، وهو وجود السّور والأعراف والرّجال على الأعراف ، والظّاهر أنّه لا خلاف بين العلماء من أهل الإسلام في وجود ذلك ، كما هو منطوق الآية أيضا ، فيجب الإيمان به لذلك. واختلافهم
__________________
(١) جوامع الجامع ١ / ٤٣٨ ـ ٤٣٩.
(٢) جوامع الجامع ١ / ٤٤٠.
(٣) جوامع الجامع ١ / ٤٨١.
(٤) تفسير البيضاويّ ٣ / ١١.