وأمّا كلامه في تفسير الآية الثالثة فهكذا : «وعن ابن عبّاس والحسن أنّ الضّمير ، أي الضّمير في قوله تعالى : (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) للعباد ، واختاره المرتضى قدسسره ، قال : علّل تعليقه سبحانه وراثة الكتاب بالمصطفين من عباده ، بأنّ فيهم من هو ظالم لنفسه ، ومن هو مقتصد ، ومن هو سابق بالخيرات.
وقيل : إنّ الضمير للذين اصطفاهم وروي عن الصّادق عليهالسلام ، أنّه قال : الظّالم لنفسه منّا من لا يعرف حقّ الإمام ، والمقتصد منّا العارف بحقّ الإمام ، والسابق بالخيرات هو الإمام ، وكلّهم مغفور لهم (١) ، انتهى.
وقد روى الشيخ الكلينيّ في كتاب «الإيمان والكفر» من كتاب «الكافي» في باب «الكبائر» عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليهالسلام حديثا تضمّن أنّ الناس على ثلاث طبقات : أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون ، وأنّ السابقين فهم الأنبياء مرسلين وغير مرسلين ، وأنّ أصحاب الميمنة هم المؤمنون حقّا ، وأنّ أصحاب المشأمة هم اليهود والنصارى.
وروى أيضا في ذلك الكتاب في باب «أصناف الناس» عن حمزة بن الطيّار ، أنّه قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : الناس على ستّة أصناف. قال ، قلت : أتأذن لي أن أكتبها؟ قال نعم ، قلت : ما أكتب؟ قال : اكتب : أهل الوعيد من أهل الجنّة وأهل النّار. واكتب : وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا. قال ، قلت : من هؤلاء؟ قال : وحشيّ (٢) منهم.
قال واكتب : وآخرون مرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم وإمّا يتوب عليهم ، قال : اكتب : إلّا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ، لا يستطيعون حيلة إلى الكفر ولا يهتدون سبيلا إلى الإيمان ، فاولئك عسى الله أن يعفو عنهم.
قال : واكتب : أصحاب الأعراف. قال ، قلت : وما أصحاب الأعراف؟ قال : قوم استوت
__________________
(١) أنظر الكافي ٢ / ٢٨١ ـ ٢٨٤ ؛ الجوامع ذيل الآية.
(٢) قاتل حمزة بن عبد المطّلب.