من اليمن ، وسمّوا الشّمال شوميّ.
وقيل : أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة أصحاب اليمن والشوم ، لأنّ السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم ، والأشقياء مشائيم عليها بمعصيتهم.
وقيل : يؤخذ بأهل الجنّة ذات اليمين ، وبأهل النّار ذات الشمال.
وإنّ السّابقين المخلصون الذين سبقوا إلى ما دعاهم الله إليه ، وشقّوا الغبار في طلب مرضاة الله تعالى.
وقيل : الناس ثلاثة : فرجل ابتكر الخير في حداثة سنّه ، ثمّ دوام عليه حتّى خرج من الدنيا ، فهذا السابق المقرّب. ورجل ابتكر عمره بالذنب وطول الغفلة ، ثمّ تراجع بتوبة ، فهذا صاحب اليمين. ورجل ابتكر الشرّ في حداثة سنّه ، ثمّ لم يزل عليه حتّى خرج من الدّنيا ، فهذا صاحب الشّمال (١) ، انتهى.
وذكر في تفسير الآية الثانية : أنّ المراد من المقرّبين : السابقون من الأزواج الثلاثة المذكورة في أوّل السّورة (٢).
ويشعر كلامه هذا أنّ المراد من أصحاب اليمين أصحاب الميمنة ، وبالمكذّبين الضالّين ، أصحاب المشأمة.
وذكر في تفسير الآية الثالثة ما يدلّ على أنّ المراد ب «الّذين» اصطفينا من عبادنا» أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم إلى يوم القيمة ، وأنّ الضمير في (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ) راجع إلى (الَّذِينَ) ، أي فمنهم ظالم لنفسه بجرم ، وهو المرجى لأمر الله ، ومقتصد ، وهو الذي خلط عملا صالحا وآخر سيّئا ، وسابق من السابقين (٣) ، انتهى.
وكلام الشيخ الطبرسيّ رحمهالله في الجوامع في تفسير الأولى والثانية موافق لما ذكره صاحب الكشّاف ، إلّا أنّه لم يذكر معنى السّابقين ، ولم يذكر أيضا ما ذكره صاحب الكشّاف بقوله: «وقيل النّاس ثلاثة» الخ.
__________________
(١) راجع تفسير الكشّاف ٤ / ٥٢.
(٢) نفس المصدر.
(٣) راجع تفسير الكشّاف ٣ / ٣٠٨.