ارجعي إلى موعد ربّك راضية بما أوتيت مرضيّة عند الله ، فادخلي في جملة عبادي الصالحين وادخلي جنّتي معهم. وقيل : النفس الرّوح ، والمعنى : فادخلي في أجساد عبادي. وقرأ ابن عبّاس : فادخلي في عبدي. وقرأ ابن مسعود : في جسد عبدي. وقيل أيضا : إنّ المعنى ارجعي إلى صاحبك فادخلي في جسد عبدي» (١) انتهى.
ومن تلك البراهين على هذا المطلب أنّ النفس الإنسانيّة لو كانت موجودة قبل البدن ، لكانت إمّا مجرّدة في ذاتها وفي فعلها عن المادّة ، فكانت عقلا محضا على رأيهم ، لا احتياج لها إلى المادّة اصلا حتّى في فعلها ، فيمتنع عليها طروء حالة تلجؤها إلى مفارقة عالم القدس والتعلّق بهذا البدن العنصريّ والابتلاء بهذه الآفات البدنيّة ؛ أو كانت مجرّدة عن المادّة في ذاتها محتاجة إليها في فعلها ، فكانت نفسانيّة الجوهر ؛ فيلزم أن تكون معطّلة قبل البدن إذ لا مادّة قبل ذلك ، والتعطّل محال. وقد عرفت أنّه يستحيل التناسخ والتنقّل في ضمن أبدان عنصريّة وسيأتي أيضا زيادة بيان لذلك. وكذلك قد عرفت أنّه يستحيل حصولها قبل البدن العنصريّ في ضمن بدن مثاليّ. والله أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب.
__________________
(١) تفسير الكشّاف ، ٤ / ٢٥٤ ، ط طهران. وراجع مجمع البيان ، ٩ / ٤٨٩.