لوطيّ جبّار ، فمسخ إلى صورة الفيل ، فحدث ذلك الفيل أيضا ، سواء كان انعدم بعد أيّام قلائل فخلق على صورته فيل آخر فبقي ذلك أيضا مشاركا في الوجود للأفراد الأخر من الفيل ، كما يمكن أن يحمل عليه بعض الأخبار المأثورة في ذلك المذكورة آنفا ، أو لم ينعدم في ذلك بل بقي هو أيضا مشاركا لها في الوجود ، وكان هو مثل سائر أفراد الفيل ، حيث تبقى إلى زمان انقضاء أجلها وتحدث منها بالتوالد أفراد أخر.
فهذا الاحتمال وإن كان ظاهر معنى المسخ والتناسخ بهذا المعنى الثالث ، إلّا أنّه خلاف ظاهر لفظ الحديث ، فتدبّر.
وبالجملة ، ففهم معنى هذا الحديث الشريف ممّا يعسر علينا وإن كان دلالته على ما هو مطلوبنا هنا من وقوع المسخ في الوجود في الجملة ظاهر ، والله أعلم بحقيقة الحال.
ثمّ إنّ قول صدر الأفاضل : «وأمّا مسخ صورة الباطن دون الظاهر ، فكقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في صفة قوم من أمّته «إخوان العلانيّة ... الخ» ، كأنّه إشارة إلى أنّ هنا معنى رابعا للتناسخ واقعا في الوجود.
وأقول : إنّه كما يشهد عليه هذا الحديث الشريف النبويّ الذي ذكره ، كذلك يشهد عليه بعض الأخبار المرويّة عن الصادقين عليهالسلام روى الراونديّ رحمهالله في كتابه الموسوم ب «الخرائج والجرائح» بإسناده عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، قال : قلت : ما فضلنا على من خالفنا ، فو الله إنّي لأرى الرجل منهم أرخى بالا وأكثر مالا وأنعم عيشا وأحسن حالا وأطمع في الجنّة؟ قال : فسكت عنّي حتّى إذا كنّا بالأبطح من مكّة رأينا الناس يضجون إلى الله ، فقال : يا أبا محمّد هل تسمع ما أسمع ، قلت : أسمع ضجيج الناس إلى الله تعالى. فقال : ما أكثر الضجيج والعجيج وأقلّ الحجيج! والذي بعث بالنبوّة محمّدا وعجّل بروحه إلى الجنّة ، ما يتقبّل الله إلّا منك ومن أصحابك خاصّة. قال : ثمّ مسح عليهالسلام يده على وجهي فنظرت فإذا أكثر الناس خنازير وحمير وقردة إلّا رجل بعد رجل (١).
وروي عن أبي بصير أيضا ، قال قلت لأبي جعفر عليهالسلام : أنا مولاك وشيعتك ضعيف
__________________
(١) الخرائج ٢ / ٨٢١ ، طبع قم.