ضرير اضمن لي الجنّة. فقال : أولا أعطينّك علامة الأئمّة؟ قلت : وما عليك أن تجمعها لي! قال : وتحبّ ذلك؟ قلت : وكيف لا أحبّ؟ فما زاد أن مسح على بصري فأبصرت جميع ما في السقيفة التي كان فيها جالسا. ثمّ قال : يا أبا محمد مدّ بصرك فانظر ما ترى بعينك؟ قال : فو الله ما أبصرت إلّا كلبا أو خنزيرا أو قردا ، فقلت : ما هذا الخلق الممسوخ؟ قال : هذا الذي ترى هذا السواد الأعظم ، لو كشف الغطاء للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم إلّا في هذه الصور ، ثمّ قال يا أبا محمد! إن أحببت تركتك على حالك هكذا ، وإن أحببت ضمنت لك الجنّة ورددتك إلى حالك الأوّل ، قلت : لا حاجة لي إلى النظر إلى هذا الخلق المنكوس ، ردّني فما للجنّة عوض ، فمسح على عيني فرجعت كما كنت (١).
إلى غير ذلك من الأحاديث الدالّة على هذا المعنى من النسخ.
وأمّا الفرق بينه وبين المعنى الثالث الذي ذكره صدر الأفاضل فظاهر ، لأنّ المفروض في هذا المعنى مسخ الباطن وحده دون الظاهر ، بخلاف المعنى الثالث فإنّ المفروض فيه مسخ الباطن والظاهر جميعا.
وكذلك الفرق بينه وبين المعنى الثاني الذي ذكره ظاهر ، على تقدير حمل هذا المعنى على أنّه انقلاب الباطن وحده دون الظاهر أصلا ، لا في هذه النشأة ولا في النشأة الأخرويّة ، وحينئذ يكون معنى رابعا. وأمّا على تقدير حمله على أنّه انقلاب الباطن وحده دون الظاهر في هذه النشأة ، وأمّا في النشأة الأخرويّة فينقلب الظاهر أيضا إلى صورة الباطن. فعلى هذا يكون هذا المعنى عين المعنى الثاني ، ولا فرق بينهما أصلا فلا يكون معنى رابعا ، والله تعالى يعلم.
وحيث أحطت خبرا بتفاصيل ما جرى ذكره بالتقريب في البين ، فحريّ بنا أن نرجع إلى ما كنّا بصدده من إبطال التناسخ بالمعنى المتنازع فيه ، الذي هو المعنى الأوّل من تلك المعاني.
__________________
(١) الخرائج ٢ / ٨٨٢.