نقص في فاعليّته ، والعلّة القابلة له هو البدن باستعداده الخاصّ وقابليّته الخاصّة ، وعند تمام الاستعداد يتمّ قابليّته ، والمفروض حصول كلّ شرط يتوقّف عليه فيضان النفس على البدن ، وكذا ارتفاع كلّ مانع من ذلك. فإذا كانت الحال كذلك ، أي كانت العلّة الفاعليّة تامّة الفاعليّة ، والعلّة القابليّة تامّة الاستعداد ، وحصلت جميع الشروط له وارتفعت جميع الموانع عنه ، تحقّقت العلّة التامّة له. ومن المقرّر الثابت أنّه عند حصول العلّة التامّة يجب وجود المعلول ويمتنع تخلّفه عنها.
فظهر بما ذكرنا إتمام تلك المقدّمة ، وظهر أيضا وجه ما ذكره الشيخ من أنّه عند تهيّؤ الأبدان يجب فيضان وجود النفس لها ، وأنّ ذلك ليس على سبيل الاتّفاق ، وأنّ كلّ بدن يستحقّ مع حدوث مزاج مادّته حدوث نفس له ، وأن ليس بدن يستحقّه وبدن لا يستحقّه ، إذ أشخاص النوع لا تختلف في الأمور التي بها يتقوّم ، فإنّه لو كان بدن إنسانيّ مثلا يستحقّ نفسا يكمل هو بها ، وبدن آخر وهو في حكم مزاجه بالنوع ولا يستحقّ ذلك ، بل إن اتّفق كان ، وإن لم يتّفق لم يكن ذلك البدن الآخر من نوعه ، هذا خلف.
ولا يخفى عليك أنّه بعد ثبوت هذه المقدّمة ، لا سترة في تماميّة تينك المقدّمتين. وقد أورد جمع من المتأخّرين ، منهم الشارح القوشجيّ في «شرح التجريد» على الحجّة الأولى ، بل على هذه المقدّمة ؛ قال : «واعترض عليه بأنّه مع ابتنائه على كون المبدأ موجبا لا مختارا مبنيّ على حدوث النفس ، وقد مرّ أنّه لا يتمّ بيانه إلّا بإبطال التناسخ الموقوف على حدوث النفس ، فيلزم الدور. وأيضا ، انحصار شرط حدوث النفس في حدوث استعداد البدن ممنوع ، لجواز أن يكون مشروطا أيضا بأن لا يصادف استعداد البدن لتعلّق النفس به نفسا موجودة قد بطل بدنها في حال كمال ذلك الاستعداد ، فلا يحدث حينئذ نفس أخرى لانتفاء شرط الحدوث. انتهى. (١)
وأقول : إنّ هذا الاعتراض مركّب من ثلاثة اعتراضات.
بيان أوّلها أنّ ما ذكره من أنّه عند حصول استعداد البدن يجب فيضان النفس عليه
__________________
(١) شرح التجريد للقوشجيّ / ٣٢٩ ، ط تبريز.