وأمّا الجواب عن هذا الاعتراض على التقديرين ، فهو أن يقال : إنّ مبنى هذا الاعتراض ، إمّا على أنّ ذلك البدن المستعدّ لحصول نفس له كان مستعدّا لفيضان النفس الحادثة الأخرى والنفس المستنسخة جميعا ، إلّا أنّه سبق فيضان النفس المستنسخة وصادفها فلم تحدث النفس الأخرى.
فيردّ عليه أوّلا أنّه كيف يمكن أن يكون البدن الواحد بالعدد وبالشخص الذي هو علّة قابليّة لحدوث النفس قابلا لتعلّق نفسين متعدّدتين متكثّرتين بالعدد مختلفتين ، ومن المقرّر عندهم وجوب الموافاة بين المعلول وعلّته ، سواء كانت علّة قابليّة أو فاعليّة ، ووجوب مساواتها ومناسبة بينهما وخصوصيّة لكلّ منهما بالنسبة إلى الآخر ، بها يختصّ أحدهما بالآخر ، وأنّه لو كان الواحد بما هو واحد مناسبا للكثير ، لكان الواحد بما هو واحد كثيرا ، والكثير بما هو كثير واحدا وهذا ، باطل بالضرورة. ومنه يظهر وجه آخر لبطلان التناسخ ، إذ على تقدير جواز تعلّق نفس واحدة بأكثر من بدن يلزم هذا المحال أيضا. فتدبّر.
وأمّا ثانيا ، فلأنّ سبق تعلّق النفس المستنسخة ، إمّا أن يكون بدون أولويّة ورجحان أو مع أولويّة ، وعلى الأوّل فإمّا أن تكون أولويّة في تعلّق النفس الأخرى ، فيلزم ترجّح المرجوح في الواقع ، وهو باطل ، وإمّا أن لا تكون أولويّة فيه أيضا ، بل كان تعلّق النفسين على السواء ، فيلزم الترجيح من غير مرجّح ، وهذا أيضا باطل.
وعلى الثالث ، فيبقى السؤال عن تلك الأولويّة وأنّها ما ذا؟ ومن المعلوم خلافها فيما نحن فيه.
وأمّا أن يكون مبنى هذا الاعتراض على أنّ ذلك البدن المستعدّ لفيضان نفس عليه كان مستعدّا لنفس واحدة بالعدد ، إلّا أنّه سبق فيضان النفس المستنسخة فلم تحدث نفس أخرى.
فيرد عليه أنّه إذا كان مستعدّا لفيضان نفس واحدة ، فكيف لم يتعلّق به تلك النفس الأخرى المفروض كونه مستعدّا لها وتعلّقت به النفس المستنسخة وسبقت ، والحال أنّ استعداده لها غير معلوم ، وكذلك أولويّة تعلّقها به غير معلومة ، بل الأولويّة في خلافه ،