حيث يلزم على تقديره جواز تعلّق نفس واحدة بالعدد بأكثر من بدن واحد ، وكون الواحد بما هو واحد مناسبا للكثير بما هو كثير ، وقد عرفت بطلانه.
وأمّا أن يكون مبناه على أنّ ذلك البدن لم يكن له استعداد بالقياس إلى نفس ما ، إلّا أنّه صادف نفسا مستنسخة بحسب الاتّفاق فلم تحدث النفس الأخرى ، فهذا مع كونه خلاف ظاهر كلام المعترض أظهر بطلانا ممّا سبق ، كما لا يخفى.
والحاصل أنّ كلام هذا المعترض يحتمل احتمالات كلّها باطلة. فبقي أن يكون ما ذكروا من أنّه عند حصول كمال استعداد البدن لفيضان نفس عليه يجب فيضانها عليه ، وأنّه إذا تعلّقت به النفس المستنسخة أيضا يكون لبدن واحد نفسان حقّا ، وحينئذ يتمّ الحجّتان كما ذكروه. وحيث عرفت ذلك فلنرجع إلى تقرير الحجّتين.
فنقول : أمّا تقرير الحجّة الأولى ، كما يدلّ عليه كلام الشيخ في «الشفاء» مفصّلا وفي «الإشارات» مجملا ، ويدلّ على تفصيله كلام المحقّق الطوسيّ (ره) في شرحه له ، فظاهر لا احتياج إلى بيانها.
وأمّا الحجّة الثانية في «الإشارات» ، فحيث كان كلام الشيخ في ذلك لا يخلو عن اجمال ما اختلف شارحوه في تقريرها ، وقد عرفت ممّا نقلنا من كلام المحقّق الطوسيّ كيفيّة تقريره لها ، وقد قال صاحب «المحاكمات» ، في قول المحقّق الطوسيّ : «والحجّة الثانيّة أن يقال : النفس المستنسخة ... الخ» (١) هكذا قرّر الإمام هذه الحجّة (٢) لو صحّ عليها التناسخ ، فأمّا أن تتعلّق ببدن آخر كما فارقت ، أو تبقى خالية عن التعلّق زمانا ثمّ تتعلّق ببدن آخر.
والأوّل (٣) يلزمه محالان : أحدهما أنّه مهما فسد يجب أن يحدث بدن آخر. والآخر أنّه إذا فارقت نفوس كثيرة يجب أن توجد أبدان على عدد النفوس ، والّا لتعلّق ببدن واحد أكثر من نفس واحدة ، والقسم الثاني باطل ، لأنّها حينئذ تكون معطّلة ولا معطّل في
__________________
(١) شرح الإشارات ٣ / ٣٥٧.
(٢) في المصدر : بأنّ النفس لو صح ...
(٣) في المصدر : وعلى الأوّل يلزم ...