الطبيعة.
وهذا التقرير فيه زيادة ونقصان ، أمّا الزيادة فهي فرض خلوّ النفس عن التعلّق بالبدن ، فلا أثر منها في الكتاب ولا حاجة إليه ، لأنّ إثبات التناسخ مبنيّ على امتناع التعطيل ، وأمّا النقصان ، فلأنّ قوله : «ولا أن يكون عدّة نفوس مفارقة تستحقّ بدنا واحدا فتتّصل به أو تتدافع عنه» (١) يقتضي أن يكون قسما من الأقسام المفروضة في الدليل ، وليس في هذا التقرير منه أثر ، فلهذا زاد الشارح في الأقسام في تقرير الحجّة : «وإنّما ترك بيان استحالة قسم الثاني ، وهو أن يكون اتصال النفس بالبدن الثاني قبل فساد الأوّل لظهوره ممّا يذكر في الأقسام الأخر. فمن البيّن أنّه يلزم منه تعلّق نفس واحدة ببدنين وهو محال» (٢) انتهى.
وقال في قوله : «ويعود المحالات المذكورة» بهذه العبارة : «إشارة إلى ما لزم من اجتماع النفوس على بدن واحد في الأقسام الثلاثة. لكن يرد عليه وجوه من الاعتراض : أحدها على قوله : «وعلى التقدير الثاني يكون النفوس المجتمعة على بدن واحد إمّا متشابهة ، فإنّ اجتماع النفوس على بدن واحد إن لم يستلزم اتّصالها به ، لم يتمّ الخلف ، لأنّه لم يفرضها حينئذ متّصلة ، وإن استلزمه فالترديد إلى التشابه في الاستحقاق والاختلاف ، ثمّ إلى اتّصالها وتدافعها مستقبح غاية الاستقباح».
وثانيها على قوله : «أو يحدث للبعض الآخر نفوس أخر ، ويلزم منه محالان فإنّ عدم الأولويّة ممنوع ، لجواز أن لا يستعدّ بعض الأبدان إلّا لبعض النفوس ، وإلّا لم يجز أن يتعلّق نفس ببدن أصلا لعدم الأولويّة.
وثالثها على قوله : «وأمّا إن اتّصلت النفس المفارقة بعد المفارقة ، فإنّه زيادة لا حاجة إليها كما في تقرير الإمام».
والتقرير المنطبق على المتن كمال الانطباق أن يقال : لو تعلّقت النفوس بالأبدان على سبيل التناسخ ، فإمّا أن يجوز أن يستحقّ نفوس متعدّدة بدنا واحدا أو لا يجوز ، بل يستحقّ
__________________
(١) شرح الإشارات ٣ / ٣٥٧ ، كما مرّ واما النقصان ...
(٢) شرح الإشارات ٣ / ٣٥٧ ـ ٣٥٨.