إذ ليس شيء من ذلك واسطة في عروض الحرارة بالمعنى المذكور ، وإنّما تكون واسطة في ثبوتها ، وهي عارضة للجسم العنصري عروضا أوّليّا ، فيكون عروضها للماء بتوسّط الجزء الأعمّ لا لأمر خارج عن الذات.
فتحقّق بما عرفت أنّ الأقسام ستّة ، إلّا أنّه ليس العارض للأمر الخارج المباين من قبيل ما مثّل به القائل المذكور ، وليس أيضا مندرجا في العرض الغريب حسبما ذكره ، بل يندرج في الأعراض الذاتية إن كان ذلك الخارج المباين مساويا للذات في الوجود وإن كان مباينا له في الصدق كما في المثال المفروض ؛ ولذا يبحث عن الألوان في العلم الذي موضوعه الجسم الطبيعي ، نعم لو كانت الواسطة المباينة مباينة له في الوجود أيضا ـ كما في الحركة الحاصلة لجالس السفينة بواسطة السفينة ـ كان ذلك من الأعراض الغريبة ، فإنّ الحركة هنا إنّما هي من أحوال السفينة المباينة للجالس فيها بحسب الوجود ، فلو اريد عدّ العارض لأجل المباين من الأعراض الغريبة أو الذاتية فليعتبر المباينة في الوجود والمساواة فيه ، فيجعل العارض بتوسّط الأوّل من الأعراض الغريبة وبتوسّط الثاني من الأعراض الذاتية ، سواء كان مساويا له في الصدق أو مباينا فيه.
قلت : أمّا ما ذكره من كون المراد بالواسطة في المقام هو الواسطة في العروض دون الثبوت بالمعنى المقابل له فهو الذي يقتضيه التحقيق في المقام ، إذ العارض في الثاني إنّما يعرض ذات الشيء ، فيكون من العوارض الذاتية لمعروضه وإن كان عروضه بتوسّط الأعمّ أو الأخصّ أو غيرهما ، وليس المراد بكونها ذاتية أن تكون الذات كافية في ثبوتها وعروضها ، كيف ولو كان كذلك لزم خروج معظم الأعراض الذاتية ، وحينئذ فلا يكون شيء من لوازم الوجود من الأعراض الذاتية ، حيث إنّ الوجود ممّا لا يمكن استناده إلى شيء من الماهيّات ، وهو بيّن الفساد.
وأمّا ما ذكره من صحّة كون الواسطة في العروض مباينا للمعروض فغير واضح ، بل الظاهر فساده.