الحقيقة يقتضي خروج الغالب عليها مع اندراجه في المجاز أيضا ، فإنّ المنقول العرفي أو الشرعي مجاز لغويّ ولو بعد النقل والغلبة.
وقد يذبّ عنه : بأنّ الحيثيّة معتبرة في المقام ، فيكون من حيث غلبته منقولا ، ومع قطع النظر عن غلبته وتعيّن اللّفظ له إذا لوحظ في الاستعمال علاقته لمعناه الأوّل يكون مجازا ، لكن استفادة ذلك من العبارة مشكل ، وكأنّه تسامح في التعبير اتّكالا على وضوح الأمر.
قوله : (فهو المنقول اللغوي ... الخ)
ينسب إلى ما وقع النقل بحسبه من الشرع أو اللغة أو العرف العامّ أو الخاصّ ، وثبوت المنقول بالوجه الأخير ممّا لا كلام فيه ، والنزاع في المنقول الشرعيّ معروف يأتي الكلام فيه إن شاء الله.
والمنقول اللغوي لم يثبت وجوده ، فهو مجرّد فرض ولذا تركه جماعة ، ومثّل له بعضهم بالغائط ، فإنّه اسم للأرض المنخفضة وقد جعل إسما للحدث المعروف ، وهو كما ترى ، وكأنّه مبنيّ على تعميم اللغة للعرف القديم.
وأمّا المنقول العرفي العامّ فالمعروف وجوده ، وربّما ناقش فيه بعضهم لشبهة ركيكة بيّنة الاندفاع ، ثمّ الظاهر أنّ المراد به ما يعمّ عرف معظم أهل اللسان بأن لا يختصّ بطائفة دون اخرى ولا يعتبر فيه العموم لسائر الأفراد ، فلا ينافيه عدم ثبوته عند شرذمة قليلة ، ولا ينافي العلم بثبوته الجهل بتحقّقه عند جميع الآحاد.
ثمّ إنّه قد يكون الوضع في المنقول تعيينيّا حاصلا من وضع اللفظ للمعنى الثاني ؛ لمناسبته لما وضع له أوّلا ، وهل يكتفى فيه بمطلق المناسبة الملحوظة أو يعتبر أن تكون مصحّحة للتجوّز؟ وجهان ، وظاهر إطلاقهم يومئ إلى الأوّل وهو الأوجه. وقد يكون تعينيا حاصلا من كثرة استعمال اللفظ فيه ، وحينئذ قد يكون الاستعمال فيه أوّلا على سبيل المجاز إلى أن يصل إلى حدّ الحقيقة ، وقد يكون إطلاقه عليه على سبيل الحقيقة كما إذا كان من قبيل إطلاق الكلّي على الفرد لا بإرادة الخصوصيّة من اللفظ ، فشاع الإطلاق المذكور إلى أن تعيّن اللفظ له