لزم أخذ معناها المادّي في معناها الهيئي ليصحّ بذلك تصوّره ، فالمادّة المأخوذة في وضعها الهيئي مرآة لملاحظة معناها المادّي على سبيل الكلّية ، والإجمال قد اخذت فيه لتوقّف تصوّره عليها ، فإذا فرض قيام تلك الهيئة بمادّة مخصوصة تعيّن ذلك الكلّي في ضمن ذلك وكان مفاد الهيئة هو من قام به ذلك المبدأ فإرادة خصوص من قام به ذلك المبدأ الخاصّ ليس خروجا عن معناها الموضوع له ، ولا متوقّفا فهمه على ما يزيد على ملاحظة الوضعين المذكورين ، إذ التعيين المذكور من لوازم ذلك المعنى حيث اخذ في مفهومه الارتباط إلى الغير ، فمع تعيّن ذلك الغير بوضعها المادّي لا بدّ من تعيينه.
فظهر بما قرّرنا أنّ ما ذكر ـ من توقّف دلالة الضارب على ذات ثبت له الضرب على ملاحظة الوسط بناء على كون ما وضع له الهيئة كليّا ـ إن اريد به عدم كفاية وضع الهيئة فيه بل لا بدّ من ملاحظة وضع المادة أيضا فهو ممّا لا كلام فيه ؛ لوضوح عدم تماميّة وضع تلك الألفاظ بناء على الوجه المذكور إلّا بهما ؛ لما عرفت من ارتباط وضعها الهيئي بالمادّي.
وإن اريد توقّف الفهم المذكور بعد ملاحظة الوضعين إلى وسط ـ كما هو مبنى الكلام المذكور ـ فهو ممّا لا وجه له ؛ ضرورة تعيّن معناها الهيئي بذلك بعد تعلّق الهيئة بمادّة مخصوصة حسب ما بيّناه ، فينتقل الذهن إلى المعنى المذكور بمجرّد ملاحظة تلك المادة والهيئة المقترنتين من غير حاجة إلى الوسط أصلا ، فتأمّل.
وأمّا ثانيا : فبأنّ ذلك على فرض تسليمه إنّما يفيد عدم وضع النوع (١) المذكور لذات ثبت له المبدأ على سبيل الإطلاق ، وأمّا إن قيل بوضعه لجزئيات المفهوم المذكور فلا مانع منه أصلا ، فغاية الأمر أن يكون الوضع هناك عامّا والموضوع له خاصّا ، أعني خصوص الذات المقترنة بخصوص الموادّ المفروضة ، فيكون الموضوع له للنوع الكلّي الحاصل في ضمن ضارب هو الذات المتّصفة بمبدأ الضرب وإن كان ذلك ملحوظا بعنوان كلّي ، إذ لا يلزم من ملاحظته على نحو كلّي
__________________
(١) كذا في الأصل وفي المطبوع (١) : وضعه النوعي.