بثبوت تلك اللفظة في أصل اللغة ، وأمّا مع الجهل بذلك واحتمال كونه من الموضوعات الجديدة فلا. وكذا إذا علمنا بكون اللفظ حقيقة بحسب اللغة في معنى حكمنا بثبوته في العرف جريا على الأمر الثابت وأخذا بأصالة عدم النقل. ولو علمنا بطروّ وضع آخر عليه حكمنا بتأخّره سواء قضي بهجر الأوّل أو لا.
ومنه يعلم أنّ إثبات المعنى العرفي بحسب اللغة إنّما هو مع عدم ثبوت الوضع فيها لمعنى آخر وإلّا بني على أصالة تأخّر الحادث ، فلا يحكم باشتراكه بين المعنيين في اللغة بمجرد ذلك بل يحكم حينئذ بتأخّر ذلك المعنى إلى حين ثبوت الوضع له سواء قضى بهجر الأوّل أو لا.
ولو علم بحصول الهجر وشكّ في مبدئه بني على تأخّر الهجر سواء علم بوضعه لذلك المعنى قبل تحقّق الهجر أو لا ، إلّا أنّه مع الجهل بذلك يحكم بتأخّر الوضع أيضا.
ولو ثبت للفظ معنيان بحسب العرف من دون ثبوت وضعه لخصوص أحدهما بحسب اللغة فهل يثبتان له معا في وضع اللغة أيضا؟ وجهان ، وقضية الأصل عدم ثبوت وضعه لغة إلّا لأحدهما ، غير أنّ الظاهر مع عدم ظهور أمارات حدوث الوضع لأحدهما ثبوت الوضعين بحسب اللغة كما هو الشأن في معرفة المشتركات اللغويّة ، إذ طريقة استعلام نقلة اللغة غالبا ملاحظة حال الاستعمالات العرفيّة المتداولة في كلام العرب.
هذا ، وقد يستشكل في المقام بأنّ الأوضاع امور توقيفيّة لا يمكن إثباتها إلّا من جهة التوقيف ، فلا وجه لإثباتها بالأصل والاستصحاب ، فلا بدّ مع الجهل بالحال من التوقّف في المقام ، ولو سلّم جواز الرجوع إليهما فغاية الأمر الاستناد إليهما في نفي الوضع ، وأمّا إثباته كما هو ديدنهم في كثير من مباحث الألفاظ فليس على ما ينبغي.
ويدفعه : أنّ الحجّة من الأصل والاستصحاب في المقام هو ما أفاد الظنّ بالوضع ومعه فالوجه في الحجّية ظاهر ؛ لبناء الأمر في مباحث الأوضاع على