مطلقا ، وهو الأظهر ؛ إذ هو المفهوم بحسب العرف سيّما مع تأخّر الخاصّ ، بل الظاهر الاتّفاق عليه حينئذ ، ولغلبة التخصيص على النسخ ، ولما في النسخ من رفع الحكم الثابت ومخالفة ظاهر ما يقتضيه المنسوخ من بقاء الحكم ، بخلاف التخصيص ؛ إذ ليس فيه إلّا مخالفة لظاهر العامّ ، كما مرّت الإشارة إليه ، وأيضا قد عرفت تقدّم المجاز على النسخ فيقدم عليه التخصيص الراجح على المجاز.
وعن جماعة منهم السيد والشيخ القول برجحان النسخ على التخصيص في الخاصّ المتقدّم على العامّ ، لدعوى فهم العرف ، وأنّ التخصيص بيان فلا يتقدّم على المبيّن. وهما مدفوعان بما لا يخفى ، وسيجيء تفصيل القول في ذلك إن شاء الله تعالى في مباحث العموم والخصوص عند تعرّض المصنّف رحمهالله له.
ثمّ إنّ ما ذكرناه من ترجيح التخصيص على النسخ إنّما هو بملاحظة كلّ منهما في ذاته حسب ما مرّ ، وأمّا بملاحظة الخصوصيّات اللاحقة ، فقد يقدّم النسخ عليه ، كما إذا كان التخصيص بعيدا وكان البناء على النسخ أقرب منه كما إذا لزم مع البناء على التخصيص إخراج معظم أفراد العامّ ، أو كان في المقام ما ينافي ذلك ، وهو كلام آخر خارج عن المرام.
واعلم أنّه لو كان في المقام ما يوجب تكافؤ احتمالي التخصيص والنسخ فالواجب التوقف حينئذ في الحكم بأحد الأمرين ، إلّا أنّه لا فرق بين الوجهين مع تأخّر الخاصّ بالنسبة إلى ما بعد وروده ؛ للزوم الأخذ الخاصّ حينئذ والعمل بمقتضى العامّ فيما عداه من أفراده ، وإنّما الكلام حينئذ في حال الزمان السابق ممّا يحتمل وقوع النسخ بالنسبة إليه ولا يتفرّع عليه ثمرة مهمّة ، مضافا إلى ما عرفت من كون احتمال النسخ حينئذ في كمال الوهن فاحتمال تكافؤهما بعيد جدّا.
وأمّا إذا تقدّم الخاصّ وتأخّر العامّ فلا إشكال إذن بالنسبة إلى سائر أفراد العامّ ؛ إذ لا معارض بالنسبة إليها ، وأمّا بالنسبة إلى مورد الخاصّ فهل يحكم بعد تكافؤهما وانتفاء المرجّحات بمقتضى الاصول الفقهيّة من التخيير ، أو الطرح والرجوع إلى البراءة ، أو الاحتياط ، أو لا بدّ من الأخذ بالخاصّ؟ وجهان ، من أنّهما