بعض هذه الوجوه على البعض إنّما هو بملاحظة كلّ منهما في نفسه مع قطع النظر عن الامور الطارئة بحسب المقامات الخاصّة ، فلا بدّ إذن في الحكم بالترجيح في خصوص المقامات من الرجوع إلى الشواهد القائمة في خصوص ذلك المقام.
ولا يغرنّك ما ذكر من وجوه الترجيح في الحكم به مع الغفلة عن ملاحظة سائر المرجّحات الحاصلة في المقامات الخاصّة ، كيف! وليس الأمر في المقام مبنيّا على التعبّد وإنّما المناط فيه تحصيل الظنّ وحصول الفهم بحسب المتعارف في المخاطبات ، فإن حصل ذلك من ملاحظة ما ذكرناه مع ضمّ ما في خصوص المقام إليه فلا كلام ، وإلّا فلا وجه للحكم بأحد الوجهين وترجيح أحد الجانبين من غير ظنّ به.
فالعمدة في فهم الكلام عرض العبارة الواردة على العرف وملاحظة المفهوم منها عند أهل اللسان فيؤخذ به وإن كان فيه مخالفة لما قرّر لما في التراجيح من وجوه شتّى ، فلا يمكن دفع فهم العرف في خصوص المقام بمثل ما مرّ من الوجوه.
نعم ، إن لم يكن في خصوص المقام ما يقضي بالحكم بأحد الوجوه فالمرجع ما قرّرناه ، والظاهر جريان فهم العرف على ذلك كما مرّت الإشارة إليه.
هذا ولو دار الأمر بين المجازين والمجاز الواحد والتخصيصين أو التخصيص الواحد رجّح الواحد على المتعدّد ... وهكذا الحال في غيرهما من سائر الوجوه ، إلّا أن يكون في المقام ما يرجّح جانب المتعدّد.
ولو دار الأمر بين المجاز الواحد والتخصيصين لم أر من حكم بترجيح أحد الجانبين. والظاهر الرجوع إلى فهم العرف في خصوص المقام.
ولو دار الأمر بين المجازين والإضمار الواحد أو الإضمارين والمجاز الواحد قدّم الواحد في المقامين بناء على مساواة المجاز والإضمار.
ويعرف بذلك الحال في التركيبات الثلاثيّة والرباعيّة وما فوقها ، الحاصلة من نوع واحد أو ملفّقة من أنواع متعدّدة مع اتّفاق العدد من الجانبين واختلافه ، والمعوّل عليه في جميع ذلك ما عرفت من مراعاة الظنّ بالمراد على حسب متفاهم العرف.