ويعرف ممّا ذكرنا الحال في القول الرابع ، ويجري فيه عدّة من الاحتمالات المذكورة ، كما لا يخفى على المتأمّل فيما ذكرنا.
ثمّ إنّه قد يستشكل فيما ذكر من التفصيل في وضع الجزئيّات بأنّه ليس عندنا ألفاظ موضوعة بإزاء الجزئيّات الذهنيّة ليكون الوجود الذهني ملحوظا في وضعها على أحد الوجوه المذكورة.
نعم ، هناك معان لا وجود لها إلّا في الأذهان كالكلّية والجنسيّة والفصليّة ونحوها ، لكنّها امور كلّية أيضا فلا يتّجه التعبير عنها بالجزئيّات.
وقد يقال بأنّ أسماء الإشارة اذا اشير بها الى المعاني الحاصلة في الأذهان كانت موضوعة لتلك الجزئيّات الذهنيّة ، بناء على كون الموضوع له فيها خاصّا كما هو المعروف بين المتأخرين. إلّا أنّ حمل كلام المفصّل على ذلك لا يخلو عن بعد.
وكأنّ المقصود منه هو الوجه الأوّل وإن كان التعبير عنه بما ذكر غير خال عن التعسّف.
لكن يرد عليه عدم ظهور فرق بينها وبين سائر الكلّيات ؛ إذ عدم قبولها للوجود الخارجي لا يقضي باعتبار الوجود الذهني في وضع اللفظ بإزائها.
هذا ، ولا يذهب عليك بعد التأمّل فيما قرّر من الأقوال المذكورة الفرق بين هذه المسألة وما وقع الخلاف فيه من اعتبار الاعتقاد في مداليل الألفاظ وعدمه ، حيث يمكن القول بكلّ من الوجهين على كلّ من الأقوال المذكورة ، وليس اعتبار الاعتقاد في الموضوع له مبنيّا على كون الألفاظ موضوعة بإزاء الصور الذهنية.
بل يمكن القول بنفيه ولو مع البناء على القول المذكور ، والقول بإثباته على القول بوضعها للامور الخارجيّة أيضا ، فإنّ القائل المذكور يجعل ما وضع اللفظ له بحسب الواقع هو ما يعتقد أنّه ذلك المفهوم سواء كان المعنى الملحوظ في الوضع هو الأمر الخارجي أو الذهني.
فالخلاف في المقام في كون المعاني المتعلّقة للأوضاع هل هي الامور الخارجيّة ، أو الصور الذهنيّة ، أو غيرهما؟ وهذا القائل قد زاد عليه زيادة فجعل الموضوع له هو الأمر الخارجي ، لكن على حسب الاعتقاد أو الصورة الذهنيّة