للشيء على حسب الاعتقاد وإن لم يطابقه بحسب الواقع.
ويشهد بالفرق بين المقامين أنّه لم ينقل هناك قول بالتفصيل ، والقول بالتفصيل معروف في المقام ، مضافا الى أنّ القول بملاحظة الاعتقاد في مداليل الألفاظ مذهب سخيف قد أعرض المحقّقون عنه وأطبقوا على فساد القول به ، ولم يقل به إلّا شذوذ من الناس ممّن لا تحقيق له ، ومع ذلك فهو في غاية الوضوح من الفساد ، ولا يدرى أنّ العبرة عندهم في الاعتقاد المأخوذ في مدلول اللفظ هل هو اعتقاد المتكلّم ، أو المخاطب ، أو المكلّف؟ وظاهر ما حكي عنهم الأخير ، وهو لا يجري في الإخبارات إلّا أن يفصّل في ذلك بين المقامين. وأمّا الخلاف في المقام فهو معروف بين الأفاضل الأعلام. فتأمّل.
والحقّ في المقام هو القول بوضع الألفاظ للامور الخارجيّة مطلقا بالتفسير الرابع.
وتوضيح القول في ذلك : أنّ الألفاظ إنّما وضعت للماهيّات بالنظر الى حصولها اللائق بها وإن لم يكن ذلك حاصلا لها بالفعل ، فلفظ الإنسان ـ مثلا ـ قد وضع بإزاء الحيوان الناطق من حيث حصوله في الخارج ، وبملاحظة كونه أمرا خارجيّا وإن لم يتحقّق له حصول في الخارج ، فهو ملحوظ في الوضع على نحو ملحوظيّة الموضوع في القضيّة المقدّرة ، فإنّ المراد بالإنسان في قولك : «كلّ إنسان حيوان» هو الإنسان الخارجي حيث حكمت على جميع أفراده بالحيوانيّة ، وكذا الحال في قولك : «النار حارّة» و «الماء بارد» و «التراب ثقيل» ونحو ذلك فإنّ المقصود بالنار والماء والتراب ليس إلّا الامور الخارجيّة وإن لم تكن موجودة بالفعل ، حيث إنّ الوجود اللائق بحالها هو الوجود الخارجي ، فالموضوع له هو تلك الماهيّات بملاحظة حصولها في الخارج من غير أن يكون الوجود الخارجي جزء من الموضوع له ، ولا قيدا فيه ، لكنّه ملحوظ في وضع اللفظ بإزاء تلك الماهيّات بمعنى أنّها قد وضع اللفظ بإزائها بملاحظة كونها عنوانات لمصاديقها الخارجيّة ، فالمفهوم الملحوظ حال الوضع لم يوضع له اللفظ بملاحظة صورته