إلّا أنّه بالنظر الى كلام العضدي في غاية البعد ؛ لظهور عبارته جدّا في حكاية الإجماع على التجوّز في المشتقّ.
إلّا أن يقال : إنّه مع ظهور الحمل المذكور في اتّصاف الموضوع بالمحمول في حال النطق يكون ذلك قرينة على استعمال المشتقّ في الأعمّ ممّا حصل له المبدأ في الاستقبال ، فيصحّ الحمل ويكون قوله : «غدا» قرينة على ذلك ، ويجري مثله فيما ذكروه في الاحتجاج.
وفيه : أنّه لا شكّ في أنّ الملحوظ في المقام ليس إثبات مفهوم الضارب له في الحال ليلزم الملاحظة المذكورة في مفهومه حتّى يصحّ حمله كذلك ، بل المقصود على الوجه الأوّل إثبات ذلك المفهوم له في زمان الماضي أو المستقبل ، وعلى الوجه الثاني إثبات المفهوم المقيّد بحصوله في الماضي أو المستقبل بالنسبة الى الحال ، نعم قد يكون دعوى الإجماع المذكور مبنيا على ما ذكر وإن كان فاسدا كما عرفت.
وكيف كان ، فلا ينبغي التأمّل في كون المشتقّات حقيقة بالنسبة الى حال التلبّس ولا عبرة فيها بحال النطق ، وينبغي حمل ما يتراءى منافاته لذلك من كلماتهم على ما لا ينافيه لوضوح الحال فيه.
وكأنّ المنشأ في توهّم البعض على ما حكي عنه انصراف حمل المشتقّ على الذات مع الإطلاق الى اتّصافها به في حال النطق كما في قولك : «زيد قائم ، أو عالم ، أو نائم» ونحو ذلك ، فتوهّم من ذلك كونه حقيقة في خصوص حال النطق وهو بيّن الفساد ؛ إذ قضيّة الحمل حينئذ هو الحكم بثبوت المحمول له بالنسبة الى الحال فيكون حال تلبّسه هو حال النطق ، فانصرافه اليه على القول بوضعه للحال من جهة كونه حال التلبّس ، لا من جهة كونه حال النطق ، وهو ظاهر.
وكذا المراد بالاستقبال في المقام هو الاستقبال المقابل للحال المذكور ، وذلك بأن يطلق المشتقّ على غير المتلبّس بالمبدأ نظرا الى تلبّسه به بعد ذلك ، كأن يطلق الضارب على زيد في الحال باعتبار صدور الضرب منه في الاستقبال ، وهذا الّذي