أمّا الملازمة فظاهرة ؛ إذ ما لا يمكن وجوده في الحال لا يعقل حصول الاتّصاف به في الحال.
وأمّا بطلان التالي فللزوم عدم صدق المخبر والمتكلّم وكذا الصادق والكاذب والآمر والناهي ونحوها على أحد ؛ إذ الخبر : اسم لمجموع القول الّذي يحتمل الصدق والكذب ، ومن البيّن أنّه تدريجي الحصول غير قارّ الذات ، فلا يمكن اجتماع أجزائه في الوجود ، وليس الكلّ والجزء متشاركين في الاسم ليكفي في صدق التلبّس به التلبّس بجزئه ، فلا قيام له بها في الحال ، وكذا الكلام في الكلام والصدق والكذب والأمر والنهي.
أمّا الأوّل والأخيران فلكونها أسامي للحروف الصادرة على الترتيب ، ولا يمكن الاجتماع بينها في الوجود.
وأمّا الثاني والثالث فلإنّهما متعلقان بالخبر ، وهو غير حاصل في الحال.
تاسعها : أنّه لو لا الوضع للأعمّ لما صحّ الاستدلال بقوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ...) إلخ (١) وقوله : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ...) الخ (٢) على وجوب حدّ الزاني والسارق لانصرافهما إذن بمقتضى الوضع الى من تلبّس بالزنى أو السرقة حال نزول الآية فلا يندرج غيرهم فيهما وهو فاسد ؛ لاحتجاج العلماء خلفا عن سلف بهما على ثبوت الحكم لمطلق الزاني والسارق.
وهذا التقرير مبني على كون المراد بالحال في المقام حال النطق وقد عرفت أنّه خلاف التحقيق ، فالصواب تغيير الاحتجاج بجعل التالي عدم صحّة الاستدلال بهما على وجوب الحدّ إلّا على من كان مشغولا بالزنى أو السرقة متلبّسا بهما دون من وقع منه ذلك وانقضى، وهو خلاف ما اتّفقوا عليه ، على ما ذكر.
عاشرها : ما يستفاد من ظاهر غير واحد من الأخبار :
فعن الصادق عليهالسلام بعد ذكر قوله تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٣) : «من
__________________
(١) سورة النور : ٢.
(٢) سورة المائدة : ٣٨.
(٣) سورة البقرة : ١٢٤.