فلا يقال : «إنّه ضارب الآن» على أن يكون الآن ظرفا للنسبة ، ومنع صحّة سلبه عنه كذلك كما مرّت الاشارة اليه مما لا وجه له.
كيف! ومن البيّن صحّة السلب المذكور بأدنى التفات الى العرف ، وهو أقوى شاهد على المجازيّة وعدم كون الموضوع له هو المفهوم الأعمّ من الماضي والحال.
فإن قلت : لا شبهة في صحّة إطلاق القاتل والضارب والناصر ونحوها حقيقة على من تلبّس بتلك المبادئ ولو بعد زوالها ، كما يشهد به ملاحظة الاستعمالات العرفيّة ، ولذا لا يصحّ سلبها عنه مع الإطلاق كما مر فكيف الجمع بين الأمرين؟.
قلت : يمكن تصحيح كون الإطلاقات المذكورة على سبيل الحقيقة بملاحظة جعل الوصف المفروض عنوانا لتلك الذات ، من حيث اتّحادها معه حين اتّصافها به وثبوت ذلك المفهوم لها ، فتلك الذات لمّا كانت أمرا واحدا في الحالين لا تغيير فيها باعتبار ثبوت ذلك الوصف لها وعدمه صحّت الإشارة اليها بذلك العنوان ، بملاحظة حال اندراجها فيه وإن لم تكن مندرجة فيه حال الإطلاق ، فقد جعل ذلك الوصف من جهة صدقه على تلك الذات حال تلبسها به عنوانا لها وان ارتفع صدقه عليها بعد ذلك ، نظرا الى اتّحاد الذات في الحالين ، فاللفظ حينئذ مستعمل فيما وضع له ، أعني نفس ذلك المفهوم وجعل ذلك المفهوم عنوانا لتلك الذات مطلقا ، فإطلاق ذلك المفهوم على تلك الذات إنّما هو باعتبار حال اتّحادها معه ، إلّا أنّه لم يلحظ تلك الذات بشرط الاتّحاد المذكور ، بل جعل ذلك عنوانا معرّفا لها في نفسها فيصحّ الحكم عليها مع ملاحظة حال الاتّصاف وبعدها ، فإطلاق القاتل على زيد إنّما هو باعتبار حال اتّصافه بالقتل حين صدوره منه ، إلّا أنّه جعل ذلك عنوانا معرّفا له ولو بعد انقضاء الاتّصاف.
وقد يجري الاعتبار المذكور في الجوامد أيضا ، كما إذا قلت : «أكرم زوجة زيد» وأردت بذلك العنوان بيان الذات الواقعة مصداقا له من غير أن يكون المقصود صدق العنوان عليه حال الإطلاق ، بل المراد تعيين تلك الذات بالوجه