في مبدأ وقوع النزاع في الحقيقة الشرعيّة ، إذ من البيّن انتفاء التفاوت في موضوع البحث من ذلك الزمان الى الآن.
ثانيها : أن تكون مستعملة في المعاني الجديدة الشرعيّة بالغة الى حدّ الحقيقة عند المتشرّعة في ذلك الزمان.
ثالثها : أن تكون تلك الألفاظ هي الّتي يعبّر بها الشارع عن تلك المعاني غالبا ويستعملها فيها ويريد بها إفهامها.
وبالجملة : إذا أراد التعبير عن تلك المعاني عبّر عنها بتلك الألفاظ وإن عبّر بغيرها أيضا على سبيل الندرة ، فإذا تحقّقت هذه المذكورات كان موردا للنزاع ، فالمثبت لها يثبتها في جميع ما كان بالصفة المذكورة وهو معيار الثبوت عنده والمانع ينفيها كذلك ، وإذا انتفى أحد الامور المذكورة فليس ذلك من محلّ البحث في شيء.
نعم ، قد يحصل الشكّ في اندراج بعض الألفاظ في العنوان المذكور وعدمه ؛ ولأجل ذلك يقع الكلام في ثبوت الحقيقة الشرعيّة في بعض الألفاظ من المثبتين لها أيضا ، كما هو الحال في عدّة من الألفاظ على ما يعرف من كتب الاستدلال ، ويمكن تطبيق ما ذكره المصنف على ما بيّناه ، كما لا يخفى على المتأمّل فيها.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ المعروف بين الاصوليين هو القول بالإثبات والنفي المطلقين ولا يعرف بينهم في ذلك قول ثالث ، ولذا اقتصر المصنّف رحمهالله على ذكرهما وكذا غيره في سائر الكتب الاصوليّة من الخاصّة والعامّة ، والمعروف بين الفريقين هو القول بالإثبات ؛ إذ لم ينسب الخلاف فيه إلّا الى الباقلاني وشرذمة اخرى من العامّة ولا يعرف من الأصحاب مخالف في ذلك ولا نسب الى أحد منهم ذلك ، بل حكى جماعة من متقدّميهم الإجماع على ثبوت الحقيقة الشرعيّة في غير واحد من الألفاظ. منهم السيّد والشيخ والحلّي ، وفي ذلك بضميمة ما ذكرناه شهادة على إطباقهم على الثبوت.
وكيف كان ، فقد ظهر بين المتأخّرين من أصحابنا القول بالنفي ، وممّن ذهب