منها : أنّ المسألة لغويّة متعلّقة بالأوضاع ومن البيّن حجّية النقل فيها وإن كان مبنيّا على الاجتهاد وملاحظة العلامات ، كما هو الحال غالبا في إثبات اللغات وانّا إذا راجعنا كلمات أهل الخبرة في المقام وجدنا معظم العامّة والخاصّة قائلين بثبوتها ، حتّى أنّه لا يعرف فيه مخالف من العامّة سوى القاضي وبعض آخر ممّن تبعه ، ولا من الخاصّة سوى جماعة من متأخّريهم ، بل الإجماع منقول عليه في الجملة من جماعة من متقدميهم حسب ما مرّت الإشارة اليه وعدم ظهور قائل بالفصل مع اعتضاده بعدم ظهور خلاف فيه بينهم ، وقد اكتفي بما دون ذلك في مباحث الألفاظ فلا مجال لإنكاره في المقام.
مضافا الى تقديم قول المثبت على النافي ، فبعد فرض تكافؤ القولين ينبغي ترجيح قول المثبت أيضا ، وليس في المقام دليل على النفي سوى الأصل ففي الحقيقة لا معارض لأقوال المثبتين ، فمرجع هذا الوجه عند التأمّل الى وجوه ثلاثة.
ومنها : الاستقراء فإنّ من تتبع موارد استعمالات كثير من الألفاظ المستعملة في المعاني الجديدة كالصلاة والزكاة والصوم والحج والوضوء والغسل ونحوها وجد استعمال الشارع لها في تلك المعاني على نحو استعمال الحقائق ، بحيث يحصل الظنّ من ملاحظة استعمالاتها بالبناء فيها على النقل.
والحاصل أنّه يفهم ذلك من ملاحظة استعمالات الشارع على نحو ما يفهم أوضاع اللغة ونحوها من ملاحظة استعمالات العرب وأرباب الاصطلاح ، ويعبّر عنه بالترديد بالقرائن، وذلك طريقة جارية في فهم الأوضاع بل هو الغالب في المعرفة باللغات ، فيستفاد من ذلك ثبوت الحقيقة الشرعيّة في الألفاظ الّتي حصل الاستقراء في موارد استعمالها دون جميع الألفاظ ممّا فرض فيه النزاع ، وحينئذ فلا بدّ في تتميم الدليل من ملاحظة عدم القول بالفصل حسب ما مرّت الإشارة اليه.
وهناك طريق ثان للاستقراء يستفاد منه شمول الحكم للكلّ تقريره : أنّ المستفاد من تتبّع الألفاظ وملاحظة نقل الشارع لجملة منها الى المعاني الجديدة هو بناء الشارع فيما يعبّر عنه من المعاني الجديدة المتداولة على نقل اللفظ اليها ،