ثمّ إنّك بعد ما عرفت ما قرّرناه في تبيين المرام تعرف ضعف ما قرّره بعض الأفاضل في المقام ، حيث إنّه رأى القول بوضع الألفاظ المذكورة للأعمّ من الصحيح الجامع لجميع الأجزاء والشرائط ـ بحيث يعمّ صدقه حال انتفاء الجزء أو الشرط ـ مشكلا.
فقرّر النزاع تارة في الأعمّ بحسب الشرائط دون الأجزاء فجعل مدلول اللفظ على القول المذكور هو المستجمع لجميع الأجزاء من غير اعتبار استجماع الشرائط ، فهي على هذا معتبرة في الصحّة خاصّة ، وحينئذ فالقائل بالوضع للصحيح والوضع للأعمّ متوافقان في اعتبار استجماع الأجزاء ، وإنّما التفاوت بينهما في اعتبار الشرائط.
واخرى عمّم النزاع في الكلّ ، ودفع الإشكال المذكور بأنّ مبنى كلام القوم على العرف وليس كلّ جزء ممّا ينتفي الكلّ بإنتفائه عرفا ، بل منها ما ينتفي الكلّ بإنتفائه كالرقبة للإنسان ، ومنها ما لا ينتفي كالإصبع والظفر له لبقاء الكلّ في العرف مع انتفائهما ، فالصلاة وإن كانت موضوعة للماهيّة التامّة الأجزاء لكن لا يصحّ سلبها عنها بمجرّد النقض في بعض الأجزاء.
وظاهر كلامه المذكور أنّه وإن انتفى الكلّ حقيقة في حكم العقل بإنتفاء ذلك إلّا أنّه لا ينتفي ذلك بالنظر الى العرف ، وهو المناط في مباحث الألفاظ.
وأنت خبير بأنّ تخصيص النزاع بالشرائط خلاف ما هو المعروف ، بل خلاف ما هو الواقع في المقام.
ومن الغريب أنّه قرّر النزاع أوّلا في الأعمّ من الجزء والشرط ، وردّ ما ربما يظهر من بعضهم من التفصيل بينهما بما ذكره في الوجه الثاني من الوجهين المذكورين ، وحينئذ فلا وجه لتقريره النزاع على الوجه المذكور وتفسيره قول القائل بالأعمّ بما ذكره ، ففي كلامهرحمهالله اضطراب لا يخفى على الناظر فيه.
ثمّ إنّه بعد فرض الشيء جزء ووضع اللفظ لتمام الأجزاء لا بدّ من انتفاء الكلّ بانتفاء أيّ جزء منها ، لقيام الضرورة على انتفاء الكلّ بانتفاء الجزء ، والحكم ببقاء