اللفظ في الموضوع أو المحمول على جهة الإجمال ، فإنّه إذا لم يصحّ سلب الحيوان الناطق عن الانسان أو سلب الانسان عنه بحسب العرف دلّ على أنّ ذلك هو معناه ، ضرورة صحّة سلب كلّ مفهوم عن مفهوم مغاير له على الوجه المذكور وإن اتّحدا في الصدق ، وبهذا الوجه يصحّ سلب الخاصّ عن العامّ وبالعكس ، تقول : «الحيوان ليس بانسان ، والانسان ليس بحيوان» وإن لم يصحّ ذلك بحسب الحمل الشائع فنقول في المقام إنّه إذا اخذت الماهيّة مستجمعة لجميع الأجزاء والشرائط المعتبرة في صحّتها فلا يصحّ سلب الصلاة عنها بالمعنى المذكور في عرف المتشرّعة ، كما لا يخفى على من أجاد التأمّل في ملاحظة عرفهم فيكون ذلك هو عين معناها.
والجواب عن ذلك بمنع الدعويين المذكورتين ، والقول بعدم صحّة السلب على الوجه الأول وصحّته في الثاني كما ترى ؛ إذ من أمعن النظر في العرف يجد الأمر على ما ذكرنا.
الثالث : ظواهر الآيات والأخبار كقوله تعالى : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ)(١) وقوله عزوجل : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(٢) وقوله عليهالسلام: «الصلاة عمود الدين» (٣) و «الصلاة قربان كلّ تقي» (٤) و «الصوم جنّة من النار» (٥) و «الصوم لي» (٦) الى غير ذلك من الأخبار المتكثّرة جدّا الواردة في الأبواب المتفرّقة ، فإنّ حمل تلك المحمولات على مطلق الصلاة معرّفا باللام ظاهر جدّا في أنّ الطبيعة المقرّرة من الشارع المحدثة منه هي المتّصفة بذلك ، لا أنّ نوعا منها كذلك والبواقي امور محرّمة متّصفة بما يضادّ الصفات المذكورة كالزنا والسرقة ، فإنّه في غاية البعد عن ظواهر تلك التعبيرات الواردة في تلك الآيات والروايات كما لا يخفى.
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٤٥.
(٢) سورة النساء : ١٠٣.
(٣) المحاسن : ص ٤٤.
(٤) عيون أخبار الرضا : ج ٢ ص ٧ ح ١٦.
(٥) المحاسن : ص ٢٨٩.
(٦) بحار الأنوار : ج ٩٦ ص ٢٥٥ ح ٣١.