فإنّ قوله : «غير مجموع بينهما» بعد قوله : «إنّ مدلوله ما لا يتجاوز معنييه» كالصريح في عدم اجتماع المعنيين في الإرادة ، وحملها على عدم الاجتماع في الحكم بعيد جدّا كما لا يخفى.
ولعلّ الوجه فيما ذكره أنّ ما نصّ عليه من دلالته على أحد المعنيين لا يمكن حصوله إلّا بالدلالة على المعنيين معا ، إذ من دون دلالته على كلّ منهما لا يعقل دلالته على أحدهما ، فيكون كلّ من المعنيين مدلولا للفظ كما هو المفروض في محلّ البحث ، فحكمه بدلالته على أحدهما وكذا التخيير والترديد المستفاد من ذلك إنّما هو بالنسبة الى تعلّق الحكم لا في نفس الدلالة ، إذ المفروض ثبوت دلالته على كلّ منهما.
وأنت خبير بما فيه بملاحظة ما قدّمنا.
رابعها : أن يستعمل في المجموع المركّب من المعنيين بأن يكون كلّ منهما جزء ما تعلّق الحكم به ، كقولك : «زيد يرفع هذا الحجر» إذا أردت أنّ الزيدين معا يرفعانه لا أنّ كلّا منهما يرفعه ، ونقل عن بعضهم أنّ ذلك هو محلّ البحث في المقام ، وهو غلط ظاهر ؛ لعدم انطباق الأقوال عليه ، ضرورة كون الاستعمال المذكور في خلاف ما وضع له اللفظ قطعا ، فلا محالة لو صحّ كان مجازا ، وقد نصّ جماعة على خروجه عن المتنازع فيه.
قال الفاضل الباغنوي : لا نزاع في امتناع ذلك حقيقة ، وفي جوازه مجازا.
قلت : نفيه النزاع عن جواز الاستعمال فيه مطلقا كما هو ظاهر إطلاقه محلّ منع ، بل الظاهر أنّ ذلك يتبع العلاقة المصحّحة للتجوّز عرفا ، بحيث لا يستهجن استعماله كذلك ، فلو اطلق البيع على مجموع البيع والشراء ، والقرء على مجموع الطهر والحيض ، وعسعس على مجموع أقبل وأدبر فلعلّه لا مانع منه ، لوجود المناسبة المعتبرة ، بخلاف إطلاق العين على مجموع الجاسوس وكفّة الميزان ، إذ لا ربط بين الكلّ وكلّ من المعنيين.
ومجرّد كون كلّ من المعنيين الحقيقيين جزء من المستعمل فيه ولو في