الاعتبار لا يكون مجوّزا للاستعمال مطلقا.
وكأنّه بني على وجود علاقة الكلّ والجزء حينئذ ، فاطلق صحّة استعماله فيه على سبيل المجاز ، وهو بيّن الوهن.
وأنكر بعض الأفاضل جواز استعماله في ذلك مطلقا ، نظرا الى أنّ العلاقة الحاصلة في المقام هي علاقة الكلّ والجزء لا غيرها ، وهي مشروطة بكون الكلّ ممّا ينتفي بانتفاء الجزء وأن يكون للكلّ تركّب حقيقي ، وذلك منتف في المقام فلا مصحّح للاستعمال.
والدعويان الاوليان محلّ منع بل وكذا الثالث ، لإمكان وضع اللفظ بإزاء كلّ من جزئي المركّب الحقيقي مع انتفاء الكلّ بانتفاء كلّ منهما.
خامسها : أن يستعمل في كلّ من المعنيين على أن يكون كلّ منهما مناطا للحكم ومتعلّقا للإثبات والنفي.
والفرق بينه وبين السابق عليه هو الفرق بين العامّ المجموعي والأفرادي على ما ذكر ، وهذا هو محلّ النزاع على ما نصّ عليه جماعة.
فإن قلت : إذا اريد من اللفظ كلّ واحد من معنييه لم يكن ما استعمل فيه اللفظ إلّا المعنيين معا كما لو اريد منه مجموع المعنيين ، وإلّا لم يكن فيه استغراق فالعامّ في قولك : «كلّ من في الدار يرفع هذا الحجر» ليس مستعملا على كلّ من الوجهين إلّا في الاستغراق ـ أعني جميع مصاديقه ـ غير أنّ تعلّق الحكم في الأوّل بجميع ما استعمل فيه اللفظ ـ أعني مجموع الجزئيات ـ وفي الثاني بكلّ من الجزئيات المندرجة فيما استعمل فيه ـ أعني خصوص كلّ واحد من الأفراد ـ فعلى هذا ليس الفرق بين العامّ المجموعي والأفرادي إلّا في تعلّق الإسناد والحكم ، إذ يجعل الموضوع في القضية تارة خصوص فرد فرد ، فيكون لفظة «كلّ» سورا لها ، وتارة مجموع الأفراد فلا يكون كلّ حينئذ سورا بل الموضوع حينئذ هو مع ما اضيف اليه ، وذلك لا مدخل له في إطلاق اللفظ على معناه واستعماله فيه الذي هو محطّ النظر في المقام ، إذ استعمال اللفظ لم يقع إلّا في معنى واحد على ما بيّنا.