على الوجوب ، ضرورة انتفاء الإثم فيها مع عدمها ، وأنّه قد يقع الذمّ على ترك بعض المندوبات وارتكاب بعض المكروهات ، فلا اختصاص له بالمخالفة المحرّمة فلا يلزم من عدّه عاصيا وترتّب الذمّ على تركه وجوب الفعل عليه وتحريم تركه.
وفيه : أنّ العصيان لا يطلق عرفا إلّا على فعل الحرام أو ترك الواجب وليس مخالفة مطلق الأمر عصيانا ، بل لا يطلق إلّا على مخالفة الأمر الإيجابي ، فإذا عدّ مخالفة الأمر المطلق عصيانا كان مفيدا للإيجاب ، وأنّ الذمّ لا يتعلّق بالمكلّف من جهة ترك ما هو مندوب عند الذامّ وإنّما يتعلّق بترك الأمر اللازم أو بفعل المحرّم ، وربما يرد على ترك المندوب لوم ولا يعدّ ذمّا ، ولذا عرّفوا الواجب بما يذمّ تاركه.
وورود الذمّ عرفا على ترك بعض المندوبات فإنّما هو من جهة لزوم الإتيان به في العرف وعدم ارتضائهم بالإهمال فيه وإن جاز تركه بحسب الشرع.
ومنها : أنّه معارض بالصيغة المجرّدة عن القرينة الصادرة من مجهول الحال ممّن لا يعلم وجوب طاعته بحسب الشرع أو العرف وعدمه ، فإنّ المأمور لا يعدّ عاصيا ولا يتعلق به ذمّ فلو كان حقيقة في الوجوب لزم ترتّب الذمّ عليه.
وقد يجاب عنه بأنّ دلالة اللفظ لا يستلزم مطابقة مدلوله للواقع ، فغاية الأمر دلالة اللفظ عليه في المقام ، وهو لا يستلزم وجوبه ليتفرّع عليه استحقاق الذمّ.
نعم ، لو علم وجوب طاعة الآمر من الخارج دلّ ذلك على مطابقة المدلول لما هو الواقع وترتّب الذمّ على مخالفته ، ولذا فرضوا الكلام في المقام في أمر السيّد لعبده.
وفيه : أنّ ما ذكر إنّما يتمّ في الإخبار وأمّا الإنشاء فإنّما هو إيجاد لمدلوله في الخارج فلا يصحّ فيه ما ذكر.
والحقّ في الجواب أنّك قد عرفت أنّ ما وضع له الأمر هو الطلب الحتمي الّذي لا يرضى الطالب معه بترك المطلوب ، ومن لوازمه كون الفعل بحيث يذمّ تاركه أو يعاقب عليه إذا صدر ممّن يجب طاعته ، والمعنى المذكور حاصل في