وكأنّه من جهة كون الوجوب هو الكامل منه ، نظرا الى ضعف الطلب في المندوب من جهة الرخصة الحاصلة في تركه ، وقد مرّت الإشارة الى ذلك.
قوله : (معلّلين حسن ذمّه بمجرّد ترك الامتثال)
لا يخفى أنّه بعد أخذ ذلك في الاحتجاج لا يتوجّه ما أورده بقوله : «لا يقال» إذ بعد ثبوت تعليلهم حسن الذمّ بمجرّد ترك الامتثال لا فرق بين قيام القرائن على إرادة الوجوب وعدمه ، إذ غاية ما يلزم من ذلك حينئذ أن تكون القرائن مؤكّدة لا مفيدة للوجوب، وإلّا لم يحسن التعليل.
والحاصل أنّه إمّا أن يؤخذ في الاحتجاج انتفاء القرائن في الصيغة الصادرة من السيّد ، أو تعليلهم الذمّ بمجرّد ترك الامتثال ، ويتمّ الاحتجاج بأخذ واحد منهما وحينئذ فمع أخذه التعليل المذكور في الاحتجاج وعدم اعتباره انتفاء القرائن هناك لا يتّجه الإيراد ، لاحتمال وجود القرائن في المقام.
وقد يوجّه ذلك بأنّ ظاهر ترتّب ذمّ العقلاء على مخالفة الصيغة الواردة هو فرض ورودها خالية عن القرائن الدالّة على الوجوب ، وما ذكره من تعليل الذمّ بمجرّد ترك الامتثال تأييد لذلك ، والمقصود من الإيراد منع المقدّمة المذكورة ، ويظهر منه أيضا منع التعليل المذكور وإن لم يصرّح به.
قوله : (فليقدّر كذلك لو كانت في الواقع موجودة)
قد يورد عليه بأنّ مجرّد التقدير لا فائدة فيه بعد وجودها في الواقع ، فإنّ الفهم إنّما يتبع العلم بالقرينة ومجرّد تقدير عدمه لا يفيد شيئا بعد كون الحكم بحصول الذمّ من جهة الصيغة المنضمّة الى القرينة. نعم ، لو انتفت القرائن بحسب الواقع وحكم بالذمّ تمّ المقصود.
ويدفعه أنّ الحكم بإرادة المعنى المجازي أو خصوص أحد معنيي المشترك موقوف على ملاحظة القرينة ، فإذا قدّر انتفاء القرائن بأن لا يلاحظ شيئا منها وحصل الفهم المذكور دلّ ذلك على عدم استناد الفهم الى غير اللفظ ، فالمقصود من تقدير انتفاء القرائن عدم ملاحظة شيء منها عند تبادر المعنى المذكور ليكون