لدلالته على الطلب وظهور الطلب في الوجوب كما نشاهد ذلك في لفظ «الطلب» الموضوع للأعمّ قطعا ، فما تدلّ عليه الآية أعمّ من المدّعى على نحو ما مرّت الإشارة اليه في الاحتجاج المتقدّم.
قوله : الثالث قوله تعالى : (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(١) الآية قد يورد على الاحتجاج بهذه الآية الشريفة أيضا امور أشار المصنّف الى بعضها :
منها : أنّه لا دلالة في الآية إلّا على كون أمر ما للوجوب بمعنى إرادة الوجوب منها : إذ لا عموم في الآية ، وهو ممّا لا كلام فيه ، وقد أشار اليه المصنّف.
ومنها : أنّه على فرض تسليم عموم الآية يكون أمره للعموم إنّما يفيد حرمة مخالفة جميع أوامره تعالى ، وهو إنّما يفيد اشتمال تلك الأوامر على ما يراد منه الوجوب ، فيرجع الى الوجه الأوّل.
ومنها : أنّه بعد تسليم دلالته على كون كلّ من أوامره للوجوب فأقصى ما يفيده كون المراد منها ذلك ، وهو أعمّ من الوضع له فما يستفاد من الآية الشريفة هو حمل الأوامر المطلقة في الكتاب أو السنّة أيضا على الوجوب ، فلا مانع من أن يكون ذلك قرينة عامّة قائمة على ذلك مع كونها حقيقة لغة وشرعا في مطلق الطلب حسب ما ذهب اليه بعض المتأخّرين مستدلّا على حملها على الوجوب بالآية المذكورة وغيرها.
ومنها : أنّه لو سلّم دلالتها على الوضع للوجوب فإنّما تدلّ على وضعها للوجوب بحسب الشرع لورود التهديد المذكور من الشارع ، فلا دلالة فيها على الوضع للوجوب بحسب اللغة كما هو المدّعى ، فتكون الآية دليلا على مقالة السيّد والعلّامة ومن يحذو حذوهما.
ومنها : أنّه لو سلّم دلالتها على الوضع له بحسب اللغة فإنّما تدلّ على كون مفاد لفظ «الأمر» هو الوجوب دون الصيغة ، وقد عرفت أنّه لا ملازمة بين
__________________
(١) سورة النور : ٦٣.